من المآسى العجيبة أن مصر ليس فيها هيئة لمراقبة الغذاء والدواء، مثل سائر دول العالم المتقدمة والمتخلفة، ونتيجة لذلك تتعرض الصادرات المصرية لهجمات شرسة وصلت ذروتها، فى التقرير الصادر عن أمريكا بحظر استيراد مئات السلع الغذائية المصرية، وتزامن معه تحذيرات روسية شديدة اللهجة، أتمنى من الله ألا تكون صحيحة، أو من قبيل المؤامرة، وفى كل الأحوال يجب وضع النقاط على الحروف:
أولا: توقفت محاولات إنشاء هيئة مصرية للدواء والغذاء، فى أكتوبر 2014 فترة تولى المهندس إبراهيم محلب لرئاسة الوزراء، ونشبت حربا سخيفة بين نقابات الصيادلة والأطباء والبيطريين والزراعيين، حول تبعية الهيئة والإشراف عليها، مع أنهم جميعا لا يصلحون لهذه المهمة، والمفترض أن تكون هيئة مستقلة لها صلاحيات فوق الوزارات والنقابات، حتى لا تقع بين أنياب أصحاب المصالح وما أكثرهم.
ثانيا: شمل تقرير هيئة الأغذية والزراعة الأمريكية الذى أتمنى أن يكون مزورا، أسماء مئات المنتجات الغذائية التى يتم تصديرها ونستهلكها فى الداخل، وطرق غشها أو ريها بمياه المجارى، أو غسلها بمياه فذرة ثم تجميدها، مع ما تسببه من أمراض مزمنة، تجعل كل منا يقاطعها ولا يدخلها بيته، والسؤال هنا: هل هذه التهامات حقيقية أم لضرب المنتجات المصرية؟ وما الجهة المحايدة المستقلة التى تتوالى الرد بمنتهى الصدق والشفافية؟ وهل نكتفى بردود سياسية فى التوك شو لا تتحدث بطريقة علمية؟
ثالثا: من هم أصحاب المصالح الذين يعرقلون إنشاء هيئة الدواء والغذاء المصرية؟ فهى التى تحمى المستهلك المصرى من الغش والفساد، وتقى الصادرات الغذائية من الحروب والمؤامرات، ولا تسمح بدخول غذاء أو دواء إلا إذا توافرت فيه شروط السلام، وتحمى المصريين من أن يكونوا فئران تجاب، لأدوية وأغذية مجهولة المصدر، من هو الذى على رأسه بطحة، ويخشى أن تتعرى إذا أنشئت هذه الهيئة المصيرية؟
رابعا: من يتولى الرد على التقارير الأمريكية والروسية؟ هل هو وزير الصحة أم الزراعة أم المنتجين الذين تناولتهم التقارير؟ وهل يكون الصمت هو سلاح الرد، فتتسع دوائر الشك ونعانى حصارا لا نحتمله، فى وقت تجاهد فيه الدولة لزيادة حجم الصادرات، وتقليص فجوة ميزان المدفوعات؟
تكلموا، قولوا، اشرحوا، أعلنوا الحقائق بصراحة وشفافية، فصحة المواطن المصرى، لا تقل أهمية عن الأمريكى والروسى.