لكل مدينة طعم ولون ورائحة، نرى مدنا برائحة الياسمين، ومدنا بطعم النضال، ومدنا بلون الدماء والعرق، وحدها إسكندرية رائحتها إسكندرية وطعمها إسكندرية ولونها إسكندرية، فريدة متفردة، جميلة، جمعت كل المحاسن، فأخرجت أروع المبدعين، غير أنها- مثل كل المدن- قد تخفى مفاتنها حينا وتظهرها حينا، وكان أمس الأول من تلك الأيام، التى قررت فيها تلك المدينة الفاتنة أن تظهر مفاتنها لعشاقها فى حفل افتتاح مهرجان الإسكندرية الدولى الثالث عشر للأغنية، فبدت تلك المدينة الأسرة، عفية، قوية، مبهرة، لتحتفل مع أبنائها وعشاقها بالأمل فى العودة إلى سابق عهدها.
ظهرت الإسكندرية فى أروع أيامها، فهى من المحافظات، التى تنتشى بالطرب، وتتقوت بالغناء، ولهذا لم أستغرب حينما جاءت كلمات القائمين على الحفل وداعميه ممتلئة بالأمل والمحبة، غارقة فى التفاؤل بمستقبل مصر السياسى والفنى، وكان أول هذه الكلمات ما قاله رئيس المهرجان «عوف همام»، الذى أشعل بنشاطه ومجهوده مع جمعية «محبى الإسكندرية» شمعة كبيرة، بدلا من أن يلعن ظلام الجهل والتغييب، حيث حافظ على إقامة هذا المهرجان فى أحلك الأزمات وأصعب الظروف ليمرر رسالة إيجابية إلى عشاق الإسكندرية بأن من يجب بلده عليه أن يعمل من أجل وضعها فى المكانة، التى تستحق، وبعد كلمة «همام» جاءت كلمة محافظ الإسكندرية الجديد اللواء رضا فرحات، التى أراد من خلالها أن يبدأ عهده مع شعب المحافظة بالتعهد بالعمل ومواصلة العمل، مرددا أغنية «صورة صورة صورة» ومؤكدا أن الجميع لابد أن يظهر فى الصورة بشرط أن يعمل الجميع من أجل أن تكون الصورة أجمل.
أما السيد يحيى راشد، وزير السياحة، فقد سمعت منه ما كنت أتمنى أن أسمعه منذ فترة طويلة، إذ أكد أن عودة السياحة مرتبطة بشكل كبير بإظهار صورة مصر المبدعة ورعاية المبدعين وتقديم الدعم المناسب لهم، ولهذا أرجو أن أن يتمسك «راشد»، لأن هذا التوجه يفعل ما لا تفعله أى توجهات أخرى، لأنه يقدم دعاية كبيرة لمصر، دون أى شبه لتوجيه أو دعاية، كما أنه يظهر مصر فى صورة البلد، التى تملك الكثير لتقدمه إلى زوارها وليس فى صورة «المستجدية» للزيارات، أما فاكهة الحفل ومصدر بهجته فتمثلت فى تلك الطلة الساحرة للفنان الكبير سمير صبرى، الذى أعاد إلينا ذاكرة «هذا المساء» ودخل فى حوار شيق جذاب مع جميع المكرمين فى المهرجان، ليختتم الحفل فى النهاية بصوت مصر المجلجل «مدحت صالح» لتكتمل البهجة.