أواصل الكتابة عن «عبدالله النديم» ومجلته «التنكيت والتبكيت» وصدر العدد الأول منها يوم 6 يونيو 1881.
فى كتاب «عبدالله النديم- الأعداد الكاملة لمجلة التنكيت والتبكيت»، الصادر عن «مكتبة جزيرة الورد»، يذكر الدكتور عبدالمنعم إبراهيم الجميعى، أن موضوعات المجلة انقسمت إلى ثلاثة أقسام رئيسية هى، موضوعات ركزت على نقد تصرفات الحكام والأجانب، وتذكير المصريين بأمجادهم، ودعوتهم إلى التصدى للعادات والتقاليد الوافدة من أوروبا إلى المجتمعات الشرقية وإيضاح مثالبها، وموضوعات ركزت على الدفاع عن مصر وشعبها ولغتها، وعن الوطنية والدين.
ويلفت «الجميعى» النظر إلى أن النديم قد وفق فى اختيار عناوين مقالاته، فجمع فيها بين الجاذبية والواقعية إلى حد كبير، مما دفع مفكرا مثل عباس محمود العقاد إلى أن يلقبه بـ«ملك العناوين»، وفى القسم الأول «نقد تصرفات الحكام والأجانب»، يكتب مقالا بعنوان «مجلس طبى على مصاب بالأفرنجى»، ويشرح المقال بأسلوب رمزى الأضرار التى حاقت بمصر جراء توريط الخديو إسماعيل لها، وحمله مسؤولية التدهور الذى لحق بها، موضحا أن طريق الخلاص لا بد أن يأتى من داخل البلاد، فصور مصر بشخص صحيح البنية، قوى الأعصاب جميل الصورة، لطيف الشكل تسلل إليه أحد المضللين–يقصد بهم الأجانب-وأوقعه فى مهاوى الرزيلة حتى أصفر وجهه، وارتخت أعضاؤه، وذهبت بهجته وتسلمه المرض، وغارت عيناه وتشوه، فأخذ يبكى وينتحب ويندب حظه ثم تنفس الضعيف، ورمق من حوله بعين لا يكاد يتحرك جفنها، وقال لهم بصوت خفى: إنكم تركتمونى لصاحبى- يقصد الخديو إسماعيل- يدور بى فعرضنى على من لم أعرف طبعه ولا عاداته ولا لغته، ووكل بى من يغرنى ويسلك بى سبيل الغواية، فلم أجد بدا من الموافقة، ودرت معه فى أماكن اللهو- يقصد الاستدانة- حتى أصبت بالداء الأفرنجى.
يذكر «الجميعى»، أنه بعد أن شرح النديم حالة هذا المريض، أيقن أن علاجه سيكون محليا بقوله على لسان المريض: «أعالج نفسى بحشائش تربتى وعقاقير أرضى من يد أطباء بلادى وصيادلة ديارى»، وهكذا شخص النديم الداء فى الخديو إسماعيل، الذى جلب الأجانب الذين لا يعرفون طبيعة المصريين ولا عاداتهم، وكان بارعا فى التورية بكلمة «الداء الأفرنجى» دقيقا فى تصويره للمشكلة، أما عن الدواء والعلاج فهما محليان وموجودان داخل مصر فى النهاية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة