لا نؤيد بالتأكيد أى عمل إرهابى فى أى مكان بالعالم، ولا نفرح بالطبع عند وقوع ضحايا أو مصابين، جراء هذه الأعمال، أقول ذلك بداية، حتى لا يفهم خطأ أحد من المتربصين كلماتى حول انفجار مانهاتن الأخير، الذى أوقع 29 مصابا بعد زرع عبوة ناسفة فى صندوق قمامة، الأمر الذى يحيلنا مباشرة إلى المشهد العراقى الذى صنعته واشنطن، وأصبحت التفجيرات الانتحارية وزرع العبوات الناسفة والسيارات المفخخة عنصرا أساسيا فيه، فهل يمكن القول إننا نقترب من ظهور المشهد العراقى فى نيويورك؟
الذئاب المنفردة، التكتيك الذى أبدعه تنظييم داعش فى أول خروج له عن السياسة الأمريكية التى صممته، بحيث يكون سببا فى تفجير وتفتيت البلاد العربية من الداخل، تجاوز محيط الدول العربية، ووصل إلى أوروبا وعبر المحيط إلى الأراضى الأمريكية، فهل تستطيع إدارة أوباما إيقاف هذا الجنى المجهول، الذى يتغذى على الظلم والجهل والعنصرية وما أكثرها على الأراضى الأمريكية؟ هل تستطيع إدارة كلينتون حال نجاحها فى الانتخابات الرئاسية أن تقدم علاجا فعالا يحول دون تكرار العمليات الإرهابية؟
لا يمكن وقف الإرهاب بالقوة وحدها، فمهما كانت الدولة قوية، فهى تحمل عناصر التهديد داخلها إذا اعتمدت سياسات ظالمة وعنصرية واستغلالية، وإدارات واشنطن المتتابعة للأسف الشديد مصرة على اتباع مثل هذه السياسات، وتمعن فى الظلم والاستغلال والعنصرية ويطرح مفكروها السؤال الأحمق: لماذا يكرهوننا؟ ثم يتطوعون بالإجابة عمن يكرهونهم بأنهم عاجزون عن ارتداء الجينز أو شرب الكولا أو ممارسة الجنس بحرية، ثالوث حضارة الاستهلاك الأمريكية الجديدة. هل هناك أمل إذن بأن تنقذ واشنطن العالم، بأن تنقذ نفسها وتنغلق قليلا على حدودها، وتتوقف عن إدارة مناطق الثروة والوفرة بمنطق الكاوبوى؟ هل من الممكن أن تعتمد واشنطن فى حقبة ما سياسات غير عدوانية تجاه العالم الخارجى ولا تسعى للسيطرة والتحكم؟ هل يمكن أن تطرح واشنطن حزمة سياسات قائمة على التعاون لا الاستغلال لإنقاذ كوكب الأرض والشعوب التى تعيش عليه؟ عندما تبدأ فقط الولايات المتحدة فى تغيير استراتيجيتها العدوانية الاستغلالية تجاه العالم، ستضمن عدم تسلل أى ذئب منفرد إلى أراضيها، كما ستوفر كثيرا فى ميزانيات الأمن الداخلى والخارجى، ولن تشهد زرع عبوات ناسفة فى صناديق القمامة، كما حدث مؤخرا فى حى تشيلسى بمانهاتن نيويورك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة