يقول المثل الشعبى «يا فرعون إيش فرعنك؟ فقال: ملقتش حد يصدنى» ويتم تحريف المثل بعض الشىء فى كثير من الأحيان، فنضع كلمة «يلمنى» أو «يردنى» أو غيرهما من كلمات الحزم والإحكام مكان كلمة «يصدنى»، لكن فى جميع الأحوال يستقر المثل على أن سبب «الفرعنة» هو عدم وجود الرادع، وفى حين أن الظالم المعتدى فى المثل السابق كان «الحاكم» الذى يملك السلاح والقوة والمال اللازمين للحزم، نرى الآن «الحكام» سواء كانوا وزراء أو رؤساء هيئات أو مصالح هم الذين يشتكون ليل نهار من «جشع التجار».
«يا تاجر إيه جشَّعك؟ فقال ملقتش حكومة تلمنى» هذا هو الأمر الواقع الذى يقر به الوزراء ومن فى ذات مستواهم من القوة والسلطة والمنعة، ومثلما تندر البعض بعد حوادث سرقة مديرية أمن إسكندرية ومقر الحماية المدنية بالعتبة ومقر محكمة الحسينية بالشرقية متسائلين: ولمن نشتكى إذا ما سرقنا نحن؟ يجد بنا الآن أن نتندر على الحكومة التى تحمل «جشع التجار» مسؤولية غلاء الأسعار وارتفاع أسعار كروت المحمول ونقص ألبان الأطفال، وغيرها من سلع حيوية، لنتساءل: وماذا تفعل الحكومة سوى ضبط الأسواق وإحكام القبض على المحتكرين وتأديب التجار «الجشعين»؟
يتحمل الشعب المصرى فوق طاقته، يتحمل غلاء أسعار الوقود، وغلاء أسعار الكهرباء، وغلاء أسعار الدواء، وغلاء أسعار الأطعمة والمشروبات، ستحمل غلاء الهواء الذى يستنشقه، والمياه التى يشربها، يئن فى صمت، ويشجب فى صمت، ويصرخ فى صمت، لا يريد أن يكون شوكة فى ظهر دولته، ويرفع من مستوى مسؤوليته الوطنية إلى أقصى مدى، لكى لا يستغل أحد غضبه عابثا فى مستقبل وطنه، لكن المؤلم حقا هو أن يستجيب المواطن «البسيط» لكل ما تأمر به الدولة، لأنه لا يريد أن تنكسر الدولة، ثم يجد نفسه فريسة سهلة لمن يجاهرون بتحدى الدولة والمتلاعبين بالشعب.
ليت الحكومة تعرف أن التحجج بـ«جشع التجار» فى تبرير اشتعال الأسعار هو عذر أقبح من ذنب، إذ تظهر الحكومة فى ثوب العاجز عن إدارة الدولة وحماية أبنائها، طارحة تساؤلا يدور فى عقل كل مواطن مصرى هو: لماذا نستجيب للقرارات القاسية التى تفرضها الحكومة بمنتهى التجبر إذا كانت غير قادرة على ردع جشع التجار؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة