الشعر فن العربية الأول، ومهما توالت عليه الأحداث وتقدمت فنون وتأخرت أخرى فإن ذلك لا ينقص من قيمته شيئا، فهو يملك فى داخله القدرة على الاستمرار والمقاومة، وكلما ضاقت السبل تهيأت الظروف مرة أخرى حتى تأخذ القصيدة مكانتها ودورها الذى يليق بها، وقد لاحظنا أنه فى شهر سبتمبر الجارى الكثير من الفعاليات الشعرية التى يحضرها العديد من المهتمين بالكتابة عامة والشعر خاصة بكل مدارسه وتنوعاته الفنية، فأردنا أن نحتفى بها.
البداية كانت مع مؤتمر قصيدة النثر فى دورته الثالثة، ولعلنا نتذكر جميعا أنه منذ نحو سنتين نظم عدد من الشعراء «مؤتمر قصيدة النثر المصرية»، ردّاً على تجاهل تجربة قصيدة النثر فى مصر من قِبل الجهات الرسمية، وتحديداً «المجلس الأعلى للثقافة»، والدورة الجديدة المقامة فى «أتيليه القاهرة»، منذ يوم 18 سبتمبر التى تستمر حتى 21 سبتمبر الجارى تأتى تحت شعار «فى الإبداع متّسع للجميع»، ويتضمّن برنامج المؤتمر عشر أمسيات شعرية يُشارك فيها شعراء مصريون، وأربع جلسات نقدية يطرح فيها باحثون من مصر وبلدان عربية أخرى إشكاليات وقضايا قصيدة النثر.
أما الفعالية الشعرية الثانية ستكون يوم 24 سبتمبر فى قاعة السينما بمركز «الجزيرة للفنون» بالزمالك وهو مؤتمر أدبى دولى بعنوان «مائة ألف أديب للتغيير» فى دورته السادسة، ويُنظمه الشاعر الأمريكى «مايكل روتنبرج» و«تيرى كاريون» ويُدرج ضمن أرشيف جامعة ستانفورد الأمريكية، ويتمحور الحدث الذى بدأ فى عام 2011 على فكرة تجميع الأدباء فى معظم مدن العالم فى يومٍ واحدٍ، وتحت شعارٍ واحد للتذوق النقدى، وسيكون اليوم الأول مخصصا للشعر واليوم التالى للقصة القصيرة.
كما أنه بدأ الاستعداد للدورة الثانية لمهرجان طنطا الدولى للشعر فى شهر أكتوبر، وتستمر الفعاليات على مدار أربعة أيام، ويشارك بالمهرجان أكثر من أربعين شاعرا من ثمانى عشرة دولة، هى الولايات المتحدة الأمريكية، كولومبيا، الأرجنتين، بوليفيا، كوستاريكا، المجر، السويد، إسبانيا، ماليزيا، العراق، السعودية، الأردن، الكويت، سوريا، لبنان، فلسطين، تونس، والمغرب.
كل هذه الفعاليات إذا تمت بطريقة جيدة فهى تعيد للشعر هيبته ورونقه التى يبحث عنها الجميع، وستفتح الباب أمام التجارب الجديدة لتقديم نفسها، ربما يتسبب ذلك فى ارتفاع نسبة قراءة الشعر خارج إطار المثقفين، وربما يلتفت الإعلام خاصة الدراما للشاعر، ويتم تقديمه بشكله الحقيقى ولا يقتصرون على صورة شاعر الأغنية فقط.
ازدهار الفنون حتما سينعكس على الأداء العام للمجتمع، والدول التى تعطى الإبداع مساحة أكبر سيظهر ذلك فى سلوك أفرادها وطرق تفكيرهم.