هل نختلف على أن هناك بعض الأشخاص الذين دائمًا ما ترتسم على وجوههم علامات الكآبة والحزن والانفعال، بالرغم من عدم وجود ما يُبرر هذا، ولو فتشنا فى حياتهم، سنجد أنها لا تختلف كثيرًا عن حياة بقية البشر، وربما تكون ظروفهم أفضل كثيرًا من غيرهم، ولكنهم جُبلوا على الميل للاكتئاب ورفض كل شيء من حولهم، وكأن الحياة لا توجد بها لذة أو متعة أو نِعم، والغريب أننا لو سألناهم عن سر كآبتهم، لا يجدون ما يردون به على السؤال، ويكتفون بكلام عام مرسل مجرد من أى مواقف تستدعى ذلك، وبالرغم من أن لكل إنسان طبيعته الخاصة، ولا يحق لأحد أن يتدخل فى شكله أو ميوله أو حتى ردود أفعاله، إلا أن هؤلاء الأشخاص للأسف لا يعيشون بمفردهم، فهم يُؤثرون بتصرفاتهم هذه على كل من يُحيط بهم سواء فى أسرتهم أو عملهم أو أى مكان يتواجدون فيه، ولا يُدركون أنهم يبثون طاقة سلبية لكل من يعرفهم، لاسيما أقرب المقربين لهم، علاوة على جلبهم للأمراض الجسدية والنفسية، سواء لهم أو لغيرهم، فحقًا هؤلاء من يُطلق عليهم مَثل: "شايل طاجن سِتَّك"، وهذه المقولة تشير إلى الجدات اللاتى كان لا يُعجبهن شيء مهما بلغت درجة إتقانه، ولأن أشهى المأكولات وأفخمها كانت تُصنع فى الطواجن ؛ لذا جرى استخدام هذا المثل للتعبير عن حالة القنوط والاستياء، وعدم الرضا، فالفتاة أو السيدة كانت تقف طوال اليوم للانتهاء من طاجن شهى تحمله على رأسها، وتتوجه به إلى الجدة لأجل إرضائها، ولكن الجدة كعادتها لا يُعجبها شىء، فصار طاجن سِتّها مثال دومًا لمصدر النكد والحزن، فهو يعبر عن عمل شاق لم يلق استحسانًا.
فهل يُعقل أن نُصدر كل هذه المشاعر والأحاسيس السلبية لكل من يحاول إسعادنا، ويتفانى فى إرضائنا، ونُبرر تصرفاتنا بكثرة الهموم التى نحملها على عاتقنا، وحتى لو صدق التبرير، فهل حل المشاكل يكون بالكآبة والحزن، أم بالتصرفات الإيجابية، وهذه التصرفات لن تتأتى إلا بالتفكير السليم، وهذا التفكير لابد له من عقل مُدبر أساسه الابتسامة والرضا، صدقونى، البسمة لا تُكلف شيئًا، أما الحزن والكآبة، فثمنهما باهظ جدًا، وأوله الصحة التى تذهب بلا عودة، وحب الناس الذى يتلاشى تدريجيًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة