فى بداية سنة 2015 صدرت رواية «فتاة القطار» للكاتبة باولا هوكينز، وفى خلال 3 أشهر باعت أكثر من مليونى نسخة لتصبح الرواية الأسرع مبيعا فى التاريخ، كما أنها ظلت تتصدر التقرير الأسبوعى لـ«نيويورك تايمز» عن الروايات الأكثر مبيعا حتى الآن وكانت السبب فى حصول مؤلفتها على جائزة جلامور لأفضل مؤلفة.
تحولت الرواية إلى ظاهرة تحتاج قدرا كبيرا للتوقف عندها وتأملها، وهى تحكى عن امرأة مطلقة مدمنة كحول تعانى من الاكتئاب والشعور بالوحدة والقهر والخوف تمر يوميا على منزل لزوجين، ويصور لها خيالها قصة تصنع من هذين الزوجين بطلين لها، لتتحكم فى تصرفاتهم وردود أفعالهم على الأحداث التى يمرون بها، ومن خلال مجموعة من المواقف التراجيدية التى تنسجها باولا هوكينز بحرفية كبيرة تجعل القراء ينسجمون فى أحداث الرواية ولا يستطيعون التمييز بين ما هو حقيقى أو خيالى، فى سلسلة الأحداث التى يمر بها أبطال الرواية.
جانب آخر من الغرابة فى هذه الرواية يكمن فى أنها الرواية الخيالية الأولى لمؤلفتها باولا هوكينر، التى تحولت بفضلها لواحدة من أشهر الكتاب فى مجال الخيال العلمى، كما أن الرواية تحولت إلى فيلم سينمائى سيعرض قريبا بطولة إيميلى بلانت وإخراج تيت تايلور.
وبالطبع لن نجد سببا واحدا ونهائيا لهذا النجاح الذى لحق بالمؤلفة المولودة 1972 ولها عدد من الكتب السابقة التى لم تترك أثرا كبيرا كما حدث مع «فتاة القطار»، لكن لنا أن نتخيل نحن سببا أو أكثر لهذا النجاح ومنها أن « باولا هوكينز» كتبت هذه الرواية فى مرحلة يائسة من حياتها بعد تجاوزت الأربعين ولم تكن سعيدة بما حققته حتى لحظة الشروع فى الكتابة، وكانت تعرف من داخلها أن الرواية التى بين يديها الآن «فاصلة».
لكن السبب الرئيسى فى ظنى يتعلق بـ«المزاج الجمعى» فمن حسن حظ الكاتب أن تصادف روايته عند صدورها المزاج الجمعى للمجتمع، وهذا المزاج صعب ومتقلب، لذا نجد كثيرا من الكتاب الكبار لا يعولون عليه، لكنهم يتمنون أن يوافيهم ذات مرة، وهذا المزاج قد يكون رومانسيا مرة وقد يكون تشويقيا مرة وقد يكون سوداويا وكئيبا فى أحيان كثيرة، مثلا المؤلف الذى يأتى كتابه «قصة حب» ويكون المزاج المجتمعى فى هذه اللحظة «رومانسيا» سوف يحقق النجاح التام على مستوى التوزيع والانتشار، لكنه ربما لو فكر أن يكرر التجربة لن ينجح لأن المزاج حينها ربما يكون «عنيفا» ويحتاج لرواية عن «أكلة لحوم البشر»، وقد كان من حظ « باولا هوكينز» أن صادفت رواتها لحظة «المزاج» ومن حسن حظها أن هذا المزاج استمر نحو سنتين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة