العديد من السلع والخضراوات والفاكهة تخرج من مصدرها الأول برخص التراب، وتصل إلى المستهلكين فى الأسواق بأسعار «مولعة» بعد أن تمر بالعديد من المراحل التى تزيد من سعرها، بداية من تجار الجملة مرورا بتجار التجزئة والموزعين، وصولا إلى صغار الباعة.
الزيادات التى تشهدها تلك السلع ليست مرتبطة بالدولار ولا الرسوم الجمركية لأنها فى الغالب إنتاج محلى، إلا أن الاحتكارات التى يقوم بها بعض التجار والموزعين، بالإضافة إلى الغياب التام للأجهزة الرقابية، وجشع بعض التجار، يدفع بأسعار تلك السلع إلى الارتفاع إلى أكثر من الضعف. «اليوم السابع» رصدت أسعار عدد من السلع الأساسية، مثل السكر والأرز، بالإضافة إلى العديد من الخضراوات والفاكهة التى تباع بأسعار رخيصة قد لا تتجاوز الجنيه إلا قليلا، إلا أنها تباع فى الأسواق بخمسة وعشرة أضعافها.
- الخضراوات.. من الغيط إلى المستهلك.. أضرب فى «عشرة»..الليمون يخرج بـ 1.5 جنيه للكيلو ويصل إلى الأسواق بـ8 جنيهات ويرتفع فى المواسم إلى 40 جنيهاً.. والبطاطس فى أرض الفلاح بجنيه والمواطن يشتريها بـ5 جنيهات.. والطماطم فى الأسواق بـ5 جنيهات وتكلفتها لا تزيد عن 1.75 قرشاً.. الجهاز المركزى للمحاسبات: ارتفاع أسعار الخضراوات يزيد من التضخم
على الرغم من أن الخضراوات والفاكهة منتجات محلية خالصة وليست مستوردة، فإن أسعار العديد من هذه المنتجات تتعرض لارتفاعات عديدة أثناء رحلتها من الفلاح حتى تصل إلى المستهلك أو المواطن، فتشهد زيادة أسعار أثناء عرضها فى الوكالات، ثم تشهد زيادة أخرى لدى تاجر الجملة، ثم زيادة جديدة لدى تاجر القطاعى، وصولا إلى المستهلك، وبالرغم من هذه الأسعار المرتفعة فإنها لا تتوافق مع المكاسب المتدنية التى يحققها الفلاح جراء بيع محصوله.
- الليمون.. الفلاح يتعب فيه طوال العالم ليكسب فيه التاجر أضعاف رزقه فى أيام
يعتبر محصول الليمون واحدا من أبرز المحاصيل التى يجب أن تدر دخلا جيدا للفلاح، وخاصة أنها شجرة لا تتوقف عن الإثمار إلا فى أوقات قليلة على مدار العام، حيث تعطى الشجرة على مدار العام عدة أنواع وهى ليمون «سلطانى» ويتم جمعه خلال الفترة من شهر يوليو إلى شهر أكتوبر، وليمون «المحيرة» ويبدأ جمعه من شهر أكتوبر حتى منتصف يناير، وليمون «الرجيعة» يبدأ جمعه من يناير حتى شهر مايو، ويعود إنتاج الليمون «المحيرة» مرة أخرى أثناء الفترة ما بين شهرى مايو ويوليو.
وبحسب ما يقوله محمد السرى، أحد مزارعى الليمون بمديرية التحرير بمحافظة البحيرة، فإن الفلاح يبيع محصول الليمون فى معظم أوقات العام بسعر لا يتجاوز 1.5 جنيها للكيلو، إلا أنه بالرغم من ذلك يصل إلى المستهلك بسعر يتراوح ما بين 5 و8 جنيهات.
ويكمل «السرى»: أن كيلو الليمون يباع فى أرض الفلاح بتكلفة تتراوح ما بين 1 و1.5 جنيه للكيلو، لا يتجاوز فيها مكسب الفلاح، صاحب الزرعة، 25 أو 50 قرشا على الأكثر، موضحا تكلفة الكيلو على الفلاح بقوله: تبلغ تكلفة جمع الكيلو من الأرض نحو 60 قرشا، بالإضافة إلى 20 قرشا تكلفة نقل الكيلو إلى الوكالة، فيما تبلغ قيمة عمولة الوكالة نحو 10 قروش لعرض كيلو الليمون للبيع لصالح الفلاح، وعلى الرغم من ذلك فإن الكيلو يصل إلى المستهلك بمبلغ يتراوح ما بين 5 و8 جنيهات.
ويوضح السرى الذى يمتلك مزرعة ليمون 5 أفدنة، أن تاجر التجزئة أو القطاعى الذى يشترى البضاعة يضيف عليها تكلفة نقل جديدة، بالإضافة إلى تقديره لعمالة المحل، وإيجاره، بالإضافة إلى المصروفات الأخرى من مياه وكهرباء وتأمينات، وفوق كل ذلك يضيف هامش ربح له.
ويكمل السرى أن أسعار الليمون التى تتراوح ما بين 30 و40 جنيها تكون فى فترة ما بين شهرى إبريل حتى يوليو، وهى الفترة التى يقل فيها إنتاج الفدان ويبيع الفلاح إنتاجه بنحو 3 جنيهات فقط للكيلو، فيما يصل للمشترى بسعر مبالغ فيه جدا.
ويفسر «السرى» الارتفاع المبالغ فيه لسعر كيلو الليمون، قائلا، يتكلف فدان الليمون ما بين 12 و15 ألف جنيها، وهى عبارة عن رش مبيدات وكيماويات لمكافحة الآفات، والأمراض التى تصيب الزرع، بالإضافة إلى الرى، والإيجار، بالإضافة إلى انخفاض إنتاجية الفدان التى أصبحت لا تتجاوز 10 أطنان.
- الطماطم.. 3 جنيهات على الأقل فارق سعر بين الفلاح وتاجر التجزئة
ما يرويه «السرى» يتوافق مع ما يحكيه عبد العاطى صلاح، أحد مزارعى الطماطم بمحافظة المنوفية، الذى يقول، إن تكلفة زراعة فدان الطماطم تتراوح ما بين 12 و15 ألف جنيه، تتوزع ما بين إيجار وشتلة الزرع، بالإضافة إلى تكلفة المبيدات الزراعية التى تتجاوز الـ5 آلاف جنيه تقريبا.
ويكمل: قفص الطماطم الذى تصل سعته إلى 22 كيلو يباع من الأرض بسعر يصل إلى 40 جنيها تقريبا، وهو ما يعنى أن سعر كيلو الطماطم يبيعه الفلاح بأقل من 1.75 قرشا تقريبا، يتكلف جمع القفص من الأرض نحو 4 جنيهات تقريبا، وأربعة جنيهات أخرى لتكلفة نقل القفص بواسطة سيارات النقل إلى الوكالة لعرضه للبيع، بالإضافة إلى عمولة الوكالة التى تصل إلى 10% على كل قفص، ويكمل على الرغم من ذلك فإن الكيلو الطماطم يصل إلى المستهلك بنحو 4 و5 جنيهات، ويقفز فى أحيان أخرى إلى 7 و10 جنيهات.
ويضيف أن هذه الحسابات ترجع لإنتاجيه الفدان، والذى قد تزيد تكلفته وتقل إنتاجيته بحسب الأمراض والأوبئة التى تصيب الطماطم مثل فيروس الخضار الذى يهاجم الشجرة قبل نضوج الثمرة، ويتسبب فى موت العود أو الشجرة كلها، وأيضا مرض سوسة الطماطم، متابعا تنطبق نفس الأسعار على إنتاج القرعيات مثل البطيخ والكوسة والخيار.
- البطاطس.. 90 قرشا سعر الكيلو فى الأرض و4 و5 و6 جنيهات فى الأسواق
البطاطس بحسب ما يقوله هانى نبيل، أحد فلاحى محافظة البحيرة،هى «زرعة كغيرها من الخضراوات لا تخضع لأى تقدير دقيق من الدولة لزراعة عدد مناسب من الأفدنة يلبى احتياجات السوق، وإنما زراعتها تبقى حكرا على أهواء المزارعين».
ويكمل أن فدان البطاطس يتكلف نحو 13 ألف جنيه مقسمه بين 8 آلاف جنيها للشتلة، فيما تتكلف المبيدات والعمالة نحو 7 آلاف جنيها.
ينتج الفدان بحد أقصى نحو 15 طنا بحسب ما يقوله هانى نبيل، الذى يوضح أن سعر بيع الفلاح لكيلو البطاطس يتراوح ما بين 90 و130 قرشا، يتكلف الكيلو نحو 60 قرشا ما بين جمع ونقل وعمولة، إلا أنه فى مقابل هذا السعر الزهيد فإن سعر كيلو البطاطس لا يقل عن «4 – 5 - 6 جنيهات» فى الأسواق الشعبية.
ويوضح أنه لا يوجد رقابة على الأسواق من قبل الدولة، وهو السبب الأساسى فى ارتفاع سعر الكيلو على المواطن البسيط، متابعا أن سعر الكيلو من الممكن جدا أن ينخفض عن ذلك إذا وفرت الدولة المبيدات الحشرية المكافحة لأمراض النبات بدلا من المبيدات المغشوشة التى تغزو الأسواق، بالإضافة إلى توفير إرشاد زراعى عالى المستوى من قبل الجمعيات الزراعية.
وتابع أن أسعار البطاطس قد تصل إلى 10 جنيهات خلال الفترة المقبلة، بسبب قلة المخزون فى الثلاجات من الزراعات السابقة، وخاصة أن أول إنتاج قادم سيكون مع نهاية شهر يناير المقبل.
ويكمل: ينبغى عمل قاعدة بيانات زراعية صحيحة للأراضى بمعرفة الجمعيات الزراعية، لتحديد الخضراوات المطلوب زراعتها، والمساحة التى يجب أن تزرع، وتحديد أسعار مناسبة للمحصول بناء على جهد الفلاح.
كان الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أعلن أن ارتفاع معدل التضخم خلال شهر أغسطس الماضى بنحو 2% مقارنة بشهر يوليو السابق عليه يرجع إلى ارتفاع أسعار الخضراوات والكهرباء والغاز والوقود، موضحا أن ارتفاعات أسعار الخضراوات التى بلغت نسبتها أكثر من 6% غير مبررة فى هذا الوقت من العام، ولا يوجد لها أساس، وأن أسعار البصل والبطاطس زادت، فضلاً عن ارتفاع أسعار الطماطم، فى الوقت الذى لا يوجد به أسباب لتلك الارتفاعات، حيث لم تتعرض المحاصيل لأحداث تؤثر عليها.
- السكر.. وأسعاره "شديدة المرارة"..الكيلو يزيد 2 جنيه عن سعره لدى تجار القطاعى تبعاً لأهواء التجار.. والدولة تسعى لوصوله للمستهلك بـ5 جنيهات
رحلة زيادات مستمرة يشهدها سعر السكر منذ خروجه من المصنع حتى وصوله إلى الأسواق والمتاجر والمستهلكين، وهى الرحلة التى تبدأ من المصنع إلى تاجر الجملة ثم إلى تاجر التجزئة أو بدالى التموين ثم أخيرا إلى المستهلك، ويتحدد السعر فى أغلب مراحله وفقا لأهواء التجار وظروف السوق. فى رحلة تتبع أسعار السكر كأحد المنتجات الأساسية التى يحتاج إليها المنزل، وجد أن هناك فارقا فى أسعار الكيلو يصل إلى 2 جنيه فى سعر كيلو السكر المبيع خارج منظومة التموين، حيث يباع فى بعض المتاجر القطاعى بـ10 جنيهات ومتاجر أخرى 9 جنيهات ومرات ثالثة 8 جنيهات، بينما يصل الفارق فى سعر التموين إلى 20 قرشاً كهامش ربح تحدده الدولة للتجار ليزيد ثمنه من 4.80 جنيهاً إلى 5 جنيهات.
وفقا ليحيى كاسب، رئيس شعبة البقالة فى غرفة الجيزة التجارية، فإن السعر الذى يصل به طن السكر إلى تاجر الجملة هو 6800 جنيهاً بواقع 6.80 جنيه للكيلو الواحد، يضيف إليها تاجر الجملة نحو 20 قرشاً فى الكيلو، إلا أنه الكيلو يصل إلى للمستهلك فى النهاية بـ 7.25 جنيه بعد إضافة ربع جنيه من قبل تجار القطاعى. بالرغم من الأسعار التى تعلنها شعبة البقالة، فإن أهواء التجار تظل المتحكم الأول فى سعر البيع النهائى، فى ظل عدم وجود الرقابة الحكومية على الأسواق، وهو ما يتسبب فى رفع سعر البيع للمستهلك من 7.25 إلى 9 جنيهات فى بعض المتاجر، وتصل فى متاجر أخرى إلى 9.50 جنيهات، وذلك بحسب ما قالته منى عبد الرحمن أحد سكان حى شبرا الخيمة، حيث أشارت إلى أنها تشترى كيلو السكر بـ9 جنيهات. ممارسات التجار الاحتكارية تؤثر على الأسعار، حيث يخزن عدد كبير من بينهم كميات من السكر، وهو الأمر الذى ينعكس على السوق المصرى بنقص فى الكميات المطروحة، مما يزيد من أسعار البيع للمستهلك، ويزيد من فرص شراء المستورد الذى يدخل إلى السوق بسعر أعلى، نظراً للحاجة إلى الاستيراد والدولار، وذلك بحسب عمرو عصفور، نائب رئيس شعبة المواد الغذائية بغرفة القاهرة التجارية.
السكر داخل منظومة التموين أيضا خاضع لارتفاعات فى السعر، فيصل كيلو السكر إلى تجار التموين بـ4.80 جنيه وتخصص الدولة للتجار هامش ربح 20 قرشا فى الكيلو ليباع إلى المستهلك فى نهاية الأمر بـ5 جنيهات، وذلك بحسب عمرو عصفور، نائب رئيس شعبة المواد الغذائية بغرفة القاهرة التجارية.
وخلال محاولات الدولة لحل أزمة ارتفاعات أسعار السكر، تصادف حدوث تضارب أيضا فى الأسعار التى تبنتها مؤسسات الدولة لمواجهة التجار حيث أطلقت هيئة الرقابة الإدارية بكفر الشيخ مبادرة لبيع السكر للمواطنين بجميع مدن ومراكز المحافظة بسعر 4.75 للكيلو، بالتنسيق مع المحافظ وشركة الدلتا للسكر.
- الأرز يدفع ثمن "الاحتكار" و"المزاج"..الكيلو من المضرب لا يتجاوز 360 قرشاً ويباع فى الأسواق بـ7 جنيهات
فترة من عدم استقرار أسعار الأرز شهدتها الأسواق المحلية خلال الفترة القليلة الماضية، أدت فى النهاية إلى ارتفاع سعره على الرغم من أن الأرز أحد المحاصيل المصرية التى تصدر الدولة الفائض منه إلى العديد من الدول، وهو ما دفع «اليوم السابع» إلى تتبع رحلة الأرز بداية من المضارب مرورا بتاجر الجملة، ووصولا إلى تاجر التجزئة لمعرفة الزيادات التى تشهدها أسعار الأرز حتى تصل إلى المستهلك. عبدالمعز الشهاوى، أحد أصحاب مضارب الأرز، يقول، إن الأرز يمر بعدد من المراحل حتى يصل فى النهاية إلى أيدى المستهلك، موضحا أنه يتم استلام المحصول من الفلاحين على هيئة شعير بسعر يتراوح ما بين 2300 و2400 جنيه، ويكمل: يدخل أرز الشعير إلى المضرب ليتم هرسه لاستخراج الأرز منه وجمعه، ليتم تسليمه لتجار الجملة، بواقع 3600 جنيها للطن بمعدل 3.60 جنيها للكيلو، ويقوم تاجر الجملة بتسليمة إلى تاجر التجزئة على سعر يصل 3.65 الذى يقوم بعرضه للبيع على 3.80 أو 4 جنيهات. تتغير دفه الأسعار بعد وصولها إلى تاجر التجزئة الذى قد يبيع الكيلو بسعر يصل إلى 5 أو 5.5 جنيها، ليضمن هامش ربح له بعد احتساب قيمة نقل البضاعة، وهو ما أكدته جولة لـ«اليوم السابع» داخل العديد من الأسواق والمتاجر بمنطقتى شبرا والساحل، التى كشفت عن تباين أسعار الأرز فى عدد من المحلات بدات من 4.5 جنيهات وصولا إلى 7 و8 جنيهات.
وأوضح عدد من أصحاب محلات البقالة فى شبرا أن اختلاف وتباين أسعار الأرز أمر طبيعى، حيث يتوقف سعره على عدد من العوامل منها شكل «الحباية» وحجمها وعدم وجود أى كسر بها، فضلا عن نظافته وهو ما يؤدى إلى اختلاف منتج عن الآخر. وفى حى الساحل قالت منى عبدالله، ربه منزل: «الأرز هو الوجبة الأساسية لغالبية المصريين، يجب أن تحكم الحكومة رقابتها على الأسواق حتى لا يشهد تذبذبا فى الأسعار بشكل مفاجئ»، وتابعت: «وعلى الرغم من أن الأرز يشهد استقرارا خلال هذه الفترة، فإنه من المتوقع ارتفاعه خلال الأيام المقبلة، وذلك بحسب تأكيد التجار لنا. من جانبه كشف أحد بدالى التموين أن السبب الرئيسى فى ظاهرة عدم ثبات أسعار الأرز يرجع إلى نقص بعض الأصناف لدى بدالى التموين وخاصة سلعة الزيت، مما يضطر العديد من أصحاب البطاقات إلى أخذ الأرز كسلعة بديلة، مما أدى إلى نقص المعروض بسبب زيادة الطلب على الأرز.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة