أحمد إبراهيم الشريف

«البنطلون المبلول».. البحث عن القبح

الأربعاء، 28 سبتمبر 2016 06:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«الجمال» كلمة تعنى عند الفلاسفة «صفة تلحظ فى الأشياء، وتبعث فى النفس سرورا ورضا أو إحساسا بالانتظام والتناغم، وهى أحد المفاهيم الثلاثة التى تنسب إليها أحكام القيم، الجمال والحق والخير»، وهذا يعنى أنها كلمة إيجابية مرتبطة بفطرة الإنسان الباحث عن الشعور بالراحة، وبالطبع الجمال هو أمر نسبى، لكن على نسبيته له أسس ومفاهيم، فهو ربما يأتى من المتناقضات، لكنه لا يكون عكس فطرة الإنسان نفسه.
 
لكن الملاحظ بوجه عام أن المجتمع أصبح مفهومه عن الجمال مرتبكا، لدرجة أنه يقدم «البنطلون المبلول» على أساس أنه شىء جميل يستطيع الإنسان أن يرتديه، ويذهب لقضاء مصالحه سعيدا، ومتوقعا أن يحظى بالإعجاب والرضى النفسى من جراء هذا الفعل الذى أقل ما يوصف به أنه غريب وسىء.
 
وبعيدًا عن كون بعض علماء الأزهر وصفوا «البنطلون المبلول» بأنه إفساد للذوق العام، وأنه ظاهرة أخطر من التحرش وتشبه بالشواذ، لكن السؤال المهم هو «أين الجمال فى هذا الأمر؟»، ولماذا يتعامل صانعو الموضة فى مصر بعيدا عن السياق المجتمعى، ولا يقيمون وزنا للاختلافات بين الثقافات فى العالم؟ فما يصلح فى دولة أوروبية ليس حتما أن يكون مقبولا فى مجتمع شرقى تحكمه ثقافة مغايرة، فمقاييس الجمال تأتى من داخل الثقافات ولا تمثل تجميعا لما يفعله الآخرون، ونقلا لها واستدعاء لكل غريب وشاذ ومختلف وتقديمه على أنه الجديد، ففى كل بلاد العالم هناك تصميمات لا تخرج من أماكن العرض التى تقدمها، ولا يتحول هناك كل تصميم يقومون به إلى «موضة» يتهافت الناس على شرائها، فهناك أيضا يرتدى الناس ما يتناسب مع ظروفهم حياتهم وثقافتهم، ولو تأملنا «البنطلون المبلول» كما يطلق عليه إعلاميا، فما الذى يثيره فى النفس، فالجميع يعرفون أن هذا البلل ليس مصدر قوة فى الإنسان لدرجة أن استدعاءه تدفع الإنسان للشعور بالطاقة الداخلية، بل على العكس من ذلك هو يمثل لحظة ضعف يمر بها الواحد فينا، والضعف ليس جميلا بل هو أمر قبيح جدا، يجعل الإنسان يشعر بالخجل من نفسه ومن تصرفه.
 
المزعج فى الأمر هو تحول الثقافة فى الشارع المصرى من البحث عن الجميل إلى البحث عن القبيح، وهذا أمر جد خطير جدا، لأن المجتمع الذى تتساوى لديه الأشياء المتناقضة ولا يجيد التفرقة بين الإيجابى والسلبى هو مجتمع يعيش أزمة كبيرة، فاختلاط القيم يعنى اختلاط الجيد بالردىء، فلا يعرف الإنسان قيمة نفسه، وبالتالى لن يعرف قيمة وطنه. 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة