«لو» كنت مكان رئيس الوزراء، لأمرت فورا بإقالة وزير الصحة، ومعه الدكتورة هالة ماسخ، رئيس قطاع الرعاية الصحية الأساسية، هما من أهم أسباب أزمة ألبان الأطفال، ولا أدرى كيف يبقى وزير الصحة فى منصبه، بعد ضبط مستشاره الذى جاء به من الجامعة متلبسا بالرشوة، وكأن شيئا لم يكن، ولكن لأن «لو» تفتح عمل الشيطان، بلدنا يحدث فيها العجب.
أعود للدكتورة ماسخ، بينما كانت القوات المسلحة تتدخل بحسم لحل ألبان الأطفال، وفض تظاهرات آباء وأمهات يرفعون الببرونات، كانت الدكتورة تعقد مؤتمرا صحفيا، قالت فيه كلاما يشعل ألف مظاهرة ويفجر الغضب المكتوم، قالت بالحرف، حسب ما نقلته الصحف: «إن ولى الأمر ومعه الطفل يتوجهان لأقرب منفذ من منافذ صرف الألبان المميكنة ومعه البيانات، وهى صورة من قسيمة الزواج، وصورة من شهادة ميلاد الطفل، وصورة من بطاقة الرقم القومى للوالدين».
أضافت: «وبعدها يقوم الفريق الطبى المدرب بفحص الطفل، وكذلك الأم للتأكد من شروط الاستحقاق، حيث يتم الصرف أول مرة يدويا لحين استخراج البطاقة، ويتم توجه ولى الأمر إلى أقرب مكتب بريد لسداد مبلغ «15» جنيها تدفع مرة واحدة فقط، وذلك ثمن استخراج البطاقة الذكية، وبعد أن يحصل ولى الأمر على أصل إيصال السداد، يحتفظ به، ويتوجه بعد15 يوما من تاريخ السداد إلى الإدارة الصحية التابع لها، لاستلام البطاقة الذكية بأصل إيصال السداد.
معنى كلام الدكتورة ماسخ: رخصة السلاح أسهل بكثير من الحصول على علبة لبن أطفال، وكأنما كُتب علينا أنه كلما انفرجت أزمة أطلت أخرى، الأرز وبعده القمح والآن السكر، ومع بداية الشتاء انتظروا البوتاجاز، ونحن مقدمون على العيد، وبعده موسم دخول المدارس، والغلاء يحاصر الناس بقسوة، ولا يترك لهم حد الستر، والشهور المقبل هى الأصعب والأثقل على الأسر المصرية، سواء من الطبقة الوسطى أومحدودى الدخل.
لن تهدأ الأزمات إلا إذا أظهرت الدولة العين الحمرا، والبداية هى تطهير الجهاز الحكومى من العناصر الإخوانية، الذين يتلاعبون بمصالح الناس، وافتعال أزمات يدفع النظام السياسى ثمنها، والبداية أيضا هى ضرب حفنة الأشرار المتلاعبين بقوت الشعب، والأجهزة الرقابية تعلمهم واحدا واحدا، والبداية ثالثا هى التدقيق فى اختيار وزراء ومحافظين على قدر المسؤولية، وكفاية النماذج المأساوية مثل وزراء التموين والصحة والتعليم، وغيرهم من الوزراء الذين لا يظهرون كثيرا حتى لا يخطئون.
أزمات مصر ليس سببها نقص الإمكانيات بقدر سوء إدارة البشر، وكثيرا ما أرثى حال البلد، عندما استمع لبعض الوزراء أو المسؤولين، الذين لا تعرف كيف جاءوا إلى مناصبهم، ولماذا يستمرون؟