أواصل ما بدأته قبل أيام حول الضابط الشهيد صلاح الدين مصطفى، ملحق مصر العسكرى فى الأردن، الذى اغتالته إسرائيل بطرد بريدى ناسف أرسلته إليه فى يوليو 1956، وذلك لوقف دوره الهائل فى تنظيم العمليات الفدائية ضد الاحتلال الصهيونى للأراضى الفلسطينية.
يذكر الكتاب الصادر من المجلس الأعلى للشباب عن الشهيد عام 1958، أن صلاح الدين مصطفى ودع أولاده وخرج من بيته إلى مكتبه فى المبنى الملحق بدار السفارة المصرية بعمان، يوم السبت 14 يوليو 1956، ومرت الساعات وهو يواصل عمله حتى قاربت الساعة الثانية والنصف، عندما خرج عائدا إلى البيت لتناول الغذاء مع أولاده ثم العودة مرة ثانية.
وبينما يهم بركوب سيارته الصغيرة، الواقفة أمام المبنى، أسرع إليه محمد عبدالنور ساعى السفارة، ليخبره أن هناك طردا وصل باسمه، وطلب إحضار الطرد، واتكأ على سيارته، وجاء الساعى بالطرد.
كان حجم الطرد صغيرا يزن حوالى 550 جراما وطوله 23 وعرضه 15 وارتفاعه 7ونصف سم، وعليه طوابع بريد أردنية قيمتها 600 فلس، مكتوب عليها «مطبوعات»، وجوانب الطرد غير مغلفة، والورق الموضوع من «السوليفان الأصفر»، ومصدر الطرد «مكتب بريد القدس».
امتدت يد صلاح الدين إلى الورقة الصفراء يفضها ليرى عنوان كتاب طالما اشتاق إلى قراءته، وهو كتاب «القائد الرجل» للقائد العسكرى الألمانى «فون رونشتد»، وأمسك بالكتاب ليفضه، وفى لمح البصر دوى انفجار هائل من قنبلة شديدة، كانت موضوعة فى حفرة داخل الكتاب، وتطاير الكتاب ومعه أجزاء من جسد البطل.
نقلوه إلى المستشفى الإيطالى فى عمان، وبينما كانت محاولات إنقاذ حياته تتم، تلقت القاهرة الخبر، فأمر جمال عبدالناصر بإرسال طائرة خاصة تقل الدكتور مظهر عاشور كبير أطباء الجيش المصرى، ومعه مساعدوه وبعض الضباط. فور وصول الدكتور مظهر دخل إلى حجرة العمليات، وقام باستئصال جزء كبير من الأمعاء، وفى اليوم الثالث تحرك ونطق ببضع الكلمات هى: «بلغوهم فى مصر يحذروا وينتبهوا».
كان يقصد إسرائيل فى تحذيره، وكان هذا آخر ما نطق به، حيث دخل فى غيبوبة لتصعد روحه إلى السماء يوم 21 يوليو، وتم نقل جثمانه إلى القاهرة.
وغدا نواصل
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة