تظل شخصية الوطنى الكبير أحمد عرابى مثيرة للكتابة والبحث والتدقيق للمؤرخين والمحللين، فقد كان لفشل الثورة العرابية أن تخلى عنها الجميع وأصبحت أحداثها يتيمة وصلت لدرجة أن تورط عدد كبير فى ظلم عرابى ورفاقه واعتبروا أن ما صنعوه هو "هوجة" كانت أضرارها أكثر من مكاسبها ناسين أن رجال الثورة كان يسعون لصناعة الأفضل لمصر وأنهم دفعوا 20 عاما من أعمارهم منفيين فى جزيرة بعيدة.
فى مطلع عامها الـ125 تحتفل مجلة "الهلال" فى عددها الأخير بإلقاء مزيد من الأضواء على سياق تاريخى أثمر الفكر النضالى لعرابى وصحبه، حيث يكتب عبد العزيز جمال الدين عن مقدمات ثورة جناحاها الفكر (الطهطاوى والنديم وحمد عبده) والجيش، منذ بدأ "الضباط المصريون اجتماعاتهم السرية عام 1876، يمثلون جوهريا هذا الزاد المصرى الجديد، الذى صعد فى بنية الدولة والجيش، من أبناء الفلاحين، مترافقا ومتزامنا مع موجتين عارمتين جديدتين، موجة سياسية صاعدة، شكّلت الحركة الدستورية والحزبية، وموجة ثقافية منحت الاثنتين معا زخما فكريا جديدا".
وترصد شذى يحيى دور المدفعية الصحفية البريطانية فى التمهيد لغزو مصر عام 1882، حيث بدأت عملية شيطنة أحمد عرابى لدى الرأى العام البريطانى والغربى باعتباره "دكتاتور العصر فى مصر"، وهى صفة ستطلقها الصحف فى تلك البلاد على عبد الناصر تمهيدا لإسقاطه فى 1967.
أما سعد القرش فيكتب عن الفجوات الحضارية فى وعى الشخصية المصرية منذ تعرض البلاد للغزو الإغريقى عام 332 قبل الميلاد، وكيف منع أهل البلاد من حمل السلاح، واقتصر دور مصر على إمداد عاصمة الاحتلال ـ التى تتغير من الشرق إلى الغرب إلى الشمال ـ بالغلال والضرائب والصناع والفنانين المهرة ورثة الحضارة، وصارت مصر ميراثا يسطو عليه الأقوى من سلالة الاستعماريين التى لم تقطعها إلا ثورة 1952.
وفى ذكرى مرور 100 على انطلاق الثورة العربية يكتب محمد القصبى عن خديعة توماس إدوارد لورنس بإيهام العرب بتأسيس الدولة العربية الكبرى، ولم يكونوا على دراية بما يخطط لهم فى الخفاء. فإذا كان الهدف الأول للتحالف الثلاثى "بريطانيا – فرنسا – روسيا" توجيه ضربة موجعة للأتراك حلفاء ألمانيا إلا أن هذا الهدف سرعان ما تطور ليصبح تقويض الدولة العثمانية. وتوزيع الميراث فى المشرق العربى على الدول الثلاث.
ويفتح الدكتور عماد أبو غازى صندوق الذكريات، كاشفا عن خبيئة، هى مشروع فتحى رضوان لإحياء "الحزب الوطني" الذى أسسه مصطفى كامل عام 1907.
وتنشر المجلة ضمن بابها "الهلال قبل 100 عام" مقالا / نبوءة للكاتب اللبنانى نقولا الحداد (1878 ـ 1954)، يحذر فيها من شبهة عنصرية يمكن أن تؤدى إليها فلسفة نيتشه، بعد أن أصبح «السواد الأعظم من الشعب الألمانى ولا سيما رجال الجندية.. يعتقدون أن الألمانى هو الرجل القوى الذى يجب أن يبقى وأن الأجناس الأخرى يجب أن تفنى». وتقول المجلة فى الافتتاحية إن هتلر خرج من هذه الأفكار، وأشعل حربا أزهقت أرواح نحو خمسين مليونا، وكان يكفى الإيمان بفضائل الاحتلاف والتنوع البشرى والتعايش الإنسانى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة