أكرم القصاص - علا الشافعي

وائل السمرى

أشياء ليست للزينة

الجمعة، 30 سبتمبر 2016 08:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هى صورة تداولها البعض على صفحات التواصل الاجتماعى، لكنها فى الحقيقة صورة مدهشة، إذ تجسد الفارق بين البشر والإبل فى احترام الذات واحترام الآخرين، فتُظهر كيف تمشى الإبل فى خط واحد خلف قائد المسيرة، لتنعم بالجمال والأمان فى آن، بينما تمشى سيارات البشر فى خطوط متقاطعة فلا تحظى بأمان ولا جمال ولا حتى وصول، وإن قارنا ما هذه الصورة بما يحدث فى مصر، فالمفارقة ستكون أعظم والألم سيصبح أقوى، فنحن نتفنن فى إهدار قيمة الحياة وكسر قوانينها، ففى الخارج تقاس أهمية الفرد وقيمته بمدى احترامه للقانون وتقبله للعقاب لكننا، للأسف، نقيس أهمية الفرد فى مصر بمدى مقدرته على كسر القانون والإفلات من العقاب.
 
ليس للأمر علاقة بخفة الدم، ولا الاستخدام المغاير لأدوات الحياة، وفى الحقيقة أنا لا أعرف سببا وجيها أو حتى غير وجيه لعبثنا الدائم بالأشياء المهمة، كإشارات السير والأرصفة وقواعد المرور، وهى أشياء ليست للزينة ولا لتنويع شكل الشارع، فطبيعى أن تتوافر سبل السلامة فى الشوارع والميادين، وطبيعى أن تتمتع الدول بمرافق عامة وقوانين حاكمة تنظم الحياة، وليس من الطبيعى أبدا ألا يجد الواحد مكانا يسير فيه على جانبى الطريق، وليس من الطبيعى أيضا ألا يستطيع أن يسير الواحد بسيارته فى نهر الطريق، وهو أمر قد يبدو لنا طبيعيا بعد أن اعتدنا على هذه الفوضى، لكننا نتغافل أنه مثل هذه الأشياء تنتقص من قيمة الدولة، كما تنتقص من قيمة المواطن، فتجعلنا مستحقين للاحتقار من الجميع.
 
فى مصر فحسب، نستخدم الأرصفة لكل شىء إلا الشىء الذى خلقت من أجله، وهو سير البشر، فعلى الرصيف نركن سياراتنا، وعلى الرصيف نضع لافتات المحلات، وعلى الرصيف يتمدد الباعة الجائلون، وعلى الرصيف يصطف محترفو «الشحاتة»، أما فى الخارج فظهر الرصيف للمارة وباطنه للمرافق العامة، حتى إذا ما حدث عطل فى مواسير المياه أو كابلات الكهرباء أو التليفونات لا يضطر المصلحون إلى تعطيل السير أو حتى شغل جميع مساحة الرصيف، ويزيد الأمر فداحة إذا ما نظرنا إلى قواعد سير المرور التى لا يحترمها فى مصر إلا الغرباء، وفى الأسبوع الأول لزيارتهم إلى مصر فحسب، وبعدها يتأقلمون على الفوضى مثلما يتأقلم المصرى على النظام إذا ما سافر إلى الخارج، فليس فى الخارج ملائكة ولا فى الداخل شياطين، لكن فرض النظام وبكل قوة واحترام الإنسان وبكل السبل هو ما يجب أن يتم فى أى دولة تحترم نفسها.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة