كل يوم تتأكد حاجتنا لإيجاد دراسة علمية واضحة تحدد لنا كيفية مواجهة الحرب الإلكترونية التى تتعرض لها مصر، وبدأت تؤثر على فكر عدد من شبابنا، رغم التحذيرات التى أطلقت قبل عامين تقريباً من مخاطر حروب الجيل الرابع والخامس، التى تشن على مصر، لكن للأسف الشديد تعاملنا مع هذه التحذيرات باستهتار شديد، واعتبرها كثيرون منا نوعاً من تصدير الأزمات، والبحث عن شماعة لتعليق الفشل عليها، دون أن يدرى هؤلاء أن حرب المعلومات والشائعات هى الأشد خطورة على استقرار أى دولة حتى من الحرب العسكرية.
الأمر هنا لم يعد رفاهية، بل أصبحنا أمام ضرورة يفرضها الواقع الذى كشف لنا عن نجاح اللجان الإلكترونية الإخوانية، وكذلك التى تدار من جانب من يطلقون على أنفسهم نشطاء، فى توجيه قطاع من الرأى العام إلى الطريق الذى يحددونه، مستغلين فى ذلك عدداً من الشائعات التى تلامس احتياجات المواطنين، مثلما حدث مؤخراً فى شائعة جزيرة «تشيوس» اليونانية التى حاولت الميليشيات الإلكترونية تصديرها للمصريين، والقول بأنها مصرية وتنازلت عنها الدولة المصرية لليونان مؤخراً، وكذلك ما حدث فى أزمة ألبان الأطفال التى حولها النشطاء والإخوان ومن يسير فى فلكهم إلى أداة للهجوم على القوات المسلحة المصرية، التى أعلنت عن مشاركتها فى توفير احتياجات مصر من ألبان الأطفال، فنشروا الكثير من الأكاذيب التى لا تمت للحقيقة بصلة، وللأسف الشديد انجرف البعض وراء هذه الشائعات وكادوا يصدقونها، لولا البيان الكاشف للحقيقة الذى أصدره المتحدث باسم القوات المسلحة السبت الماضى، موضحاً فيه دور القوات المسلحة فى توفير ألبان الأطفال، ومفنداً لكل الأكاذيب التى قيلت وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعى.
من جانبى أعتبر أن وسائل التواصل الاجتماعى هى العدو الأول لاستقرار الدول، خاصةً بعدما تحولت من منتديات ووسيلة للتعارف والمشاركات الاجتماعية، إلى أداة للهجوم على مؤسسات الدولة، وبث الأكاذيب دون وجود رقيب على من يصدر هذه المعلومات المغلوطة والمكذوبة، فلا وجود لرقيب قانونى ولا حتى أخلاقى، وبتنا كل يوم نرى كيف يتراقص النشطاء على جسد الوطن، بحثاً عن زيادة فى أعداد المعجبين على فيس بوك أو تويتر، والهدف فى النهاية هو اللعب على عقل المصريين، ومحاولة دفعهم للخروج على الحكومة.
هذا العدو يحتاج لآلية محددة للتعامل معه، وهنا يبرز دور الدولة ومعها الخبراء المطلوب منهم تحديد الشكل الذى يمكن من خلاله التعامل مع ما يبث عبر هذه المواقع من شائعات هدفها تضليل المصريين، وكذلك مطلوب من هؤلاء أن يحددوا البرامج التى يمكن من خلالها زيادة وعى المصريين من الخطر الذى يداهمنا، فهناك حاجة للتعامل بشكل سريع مع هذا الخطر، والتركيز على الشباب، وهنا أعيد ما ذكرته من قبل حول أهمية أن تقوم وزارة الشباب والرياضة، ومعها وزارة التربية والتعليم والجامعات المصرية بدورهم فى توعية الشباب من مخاطر حروب الجيل الرابع والخامس، سواء من خلال دورات تدريبية أو معسكرات فكرية وتثقيفية، لشرح عناصر الخطر الذى يداهمنا، خاصةً أن عدداً ليس بقليل من الشباب لا يؤمن بوجود هذه الحرب من الأساس، ويعتبر الحديث عنها نوعاً من نظرية المؤامرة التى يعترف بوجودها من الأساس.
الأمر جد خطير ولا يحتمل التأخير، ويحتاج لتحرك سريع من كل مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى المطالبة بأن يكون لها دور وطنى فى مواجهة هذه الحملة المعلوماتية الشرسة التى تستهدف الدولة، وللأسف يقودها مصريون يعتقدون أنهم ينتقمون من النظام أو الحكومة، دون أن يدورا أو يدروا أنهم يهدمون الدولة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة