من الارتفاعات الرهيبة فى فواتير الكهرباء إلى الزيادة فى أسعار الخضروات والمواد الغذائية الأساسية لأى أسرة، تواصل الأسرة المصرية شكواها، وبالرغم من ذلك فإننا نطالع كل يوم أحاديث لمسؤولين عن «إجراءات لتوفير السلع بأسعار مناسبة»، ولو جرى تفسير تعبير «أسعار مناسبة» لكان العجب.
لا حديث يدور الآن داخل كل أسرة مصرية يعلو على «حديث ارتفاع الأسعار» الذى تتغير معدلاته كل يوم، فالسلعة التى تشتريها اليوم بسعر، تشتريها غدا بسعر أعلى ودون أى مبرر، ومعدل الإنفاق الذى تقدره مع بدايات شهر جديد طبقا لدخلك لن يكون بنفس المعدل فى الشهر التالى، وهكذا يدور المصريون فى دائرة جهنمية لا يعرفون متى تنتهى.
اللافت أننا أمام حديث لمسؤولين ورجال أعمال يتحدثون عن أنه لا بديل لبرنامج الإصلاح الاقتصادى التى تنفذه الحكومة الآن، فى نفس الوقت تنفذ الحكومة حملة إعلانية بشوارع القاهرة والمحافظات لتبرير ما يحدث الآن تقول فيها: «بالإصلاح الجرىء نقص الطريق» و»نقلل استهلاكنا ونقلص إرادتنا».
ولأن المواطن لا يجد أمامه أى دلائل على «نقص الطريق»، كما أنه لا يعيش أبدا ترف زيادة الاستهلاك فإنه يقابل هذه «الحملة» بسخرية كبيرة، الذين عاصروا مرحلة بدء برنامج الخصخصة أيام حكم مبارك يتذكرون جيدا مثل هذه الحملات الإعلانية التى رفعت «الخصخصة» إلى درجة المشروع القومى لمصر الذى تأتى حكومات العالم إلى مصر، لتستفيد منه كى تتبعها فى دولها، وفى زمن السادات كانت اللافتات فى الشوارع تحمل شعار واحد: «سنوات من الرخاء فى انتظارنا».
لم يأت الرخاء الموعود به أيام السادات، وأورثتنا «خصخصة مبارك» خرابا وفسادا وفقرا، وتبين للمصريين كذب «الحملات الإعلانية» التى كانت تزف الحلم للمقبل، وتبين لهم أنها تروج لوعود لا تحدث على الأرض إطلاقا، ولأن غلاء الأسعار الآن لم يعد يتحمله أحد فإن الحملات الإعلانية للحكومة المطالبة بتحملها أصبحت مجالا للسخرية.
لا نحتاج إلى حملات إعلانية كى نصدق جدارة الحكومة وكفاءتها، وإنما نحتاج إلى فعل حقيقى على الأرض لصالح عامة المصريين الذى يضجون الآن من نار الأسعار، فعل يبشر بأن العاطل سيجد فرصة للعمل، ويبشر بأن الأسرة تستطيع تدبير أبسط مطالبها الأساسية دون وجع حقيقى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة