35 سنة مرت، أمس الأول، على أحداث 5 سبتمبر 1981 أو خريف الغضب، وقراءة دروسها قد تفيد فيما نعاصره اليوم من أحداث، وأهمها أن الرئيس السادات الذى بدأ حكمه متسامحا، وفاتحا ذراعيه لكل القوى والتيارات السياسية، نهاه غاضبا ومنفعلا، ووضع أكثر من 1500 من مختلف الشخصيات السياسية والدينية فى معتقل طرة، ومهد بذلك الطريق إلى حادث المنصة الذى راح ضحيته.
السادات قال فى خطابه الشهير الذى سبق الاعتقالات: «أنا غلطان كان لازم يفضلوا فى مكانهم»، وكان اعترافا بعد فوات الأوان، يقر فيه بأنه ارتكب خطأً تاريخيا، عندما أطلق سراح الإخوان من السجون، إبان توليه الحكم، وكان يعتقد أنهم سيكونون سنده وظهره، فى مواجهة الناصريين واليساريين، لكنهم كانوا وبالا عليه وعلى مصر، وأعادوا إنتاج مسلسل العنف الذى قادهم إلى السجون فى حكم الرئيس عبدالناصر.
واعترف السادات بعد فوات الآوان بأنه «مفيش حاجة اسمها جماعة إسلامية وإخوان، كلهم واحد»، ورغم ذلك فقد وقع عبدالحليم موسى وزير الداخلية فى الثمانينيات فى خطأ جسيم، عندما أجرى حوارات المصالحة مع قادة الجماعات الإسلامية فى السجون، وأقروا بنبذ العنف والدعوة إلى المصالحة والاعتراف بالخطأ، ولكنهم نقضوا عهودهم فى حكم المعزول مرسى، وقال قادتهم: إنهم لم يتصالحوا ولم يعترفوا بأية أخطاء ارتكبوها، وكانوا المحرضين الذين قادوا الفوضى فى اعتصامات رابعة والنهضة.
السبب الرئيسى وراء أحداث سبتمبر هو الفتنة الطائفية المعروفة بحرب الزاوية الحمراء، عندما تحول نزاع عادى بين أسرتين مسلمة ومسيحية، إلى معركة حربية راح ضحيتها 85 قبطيا، وخرج المتطرفون يحرقون ويقتلون، ويشعلون نارا حامية فى جسد الوطن، وليتنا ننتبه الآن لفتيل الفتنة الممتد فى عديد من القرى والأماكن، وتعاود نفس الوجوه التى حرقت الزاوية الحمراء الظهور، وكأنها تريد استكمال فصل جديد من نفس المأساة.
ومن أهم أخطاء السادات فى تلك الأحداث، أنه اعتمد كلية على تقارير وزير داخليته النبوى إسماعيل، الذى زين له محاسن القبض على سياسيين اختلفوا معه فى الرأى، جنبا إلى جنب مشعلى الفتنة، كما أنه أغضب الأقباط بعزل البابا شنودة فى وادى النطرون، وتعيين لجنة من خمس قساوسة لإدارة شؤون الكنيسة، وجنحت قراراته إلى الانفعال والتوتر والغضب، وقد يكون مسموحا للجميع بأن يغضبوا وينفعلوا، إلا الرئيس الذى يقود دفة البلاد، وإذا لم يحتكم للدستور والقانون ولجأ إلى الإجراءات الاستثنائية، انحرفت منه الدفة.