فى سنة 2004، سألت أحد الناس فى القرية عندنا «هل لا يزال الناس يبيعون أرضهم؟»، قال «نعم لا يزالون»، قلت «حتى بعد أن شاهدوا مسلسل الناس فى كفر عسكر !».
كان مسلسل الناس فى كفر عسكر، حديث الصباح والمساء، فقد فهم المشاهدون الرمز المقصود من وراء الصراع بين العائلتين «ولاد عوف وولاد شلبى»، وعرفوا أن القضية أكبر مما تبدو، إنه صراع من أجل الأرض، رأوا الوافد يتمكن فى البلد ويطرد الأصيل منها، ويجتاح كل شىء، فشعروا بالخطر يتربص بهم من كل جانب، وكان تتر المسلسل يحمل كلمة «الأديب أحمد الشيخ».
جاء اسم أحمد الشيخ مؤلفًا للرواية، وبشير الديك كاتبًا للسيناريو والحوار، وظن الكثيرون وأنا منهم أن مؤلف الرواية المأخوذ عنها العمل الدرامى، شاب فى بداية حياته الإبداعية يشق طريقه بهذه الرواية المميزة، قبل أن أكتشف أننى أمام رجل متمرس فى عالم الإبداع رواياته كثيرة ومتنوعة فى كل المجالات، ومنها القصة القصيرة وأدب الأطفال.
أحمد الشيخ الذى رحل عن عالمنا أول أمس، رغم حصوله على جائزة الدولة التقديرية فى 2014، وجائزة الدولة التشجيعية 1985، إلا أن شعورًا ما يطاردك طوال الوقت بأن هذا الرجل تعرض لظلم ما لا تعرف مصدره، ربما من حكايات صغيرة أعرفها، ومن قلة الدراسات التى كتبت عنه وعن أعماله، فعن نفسى لم أطلع فى الدرس الأكاديمى سوى على رسالة ماجستير فى جامعة عين شمس، بعنوان «بلاغة المزج فى السرد القصصى عند أحمد الشيخ»، وقدمتها الباحثة مروة مجدى 2008.
أحمد الشيخ نموذج لأزمة الثقافة فى مصر، التى يشغلها دائمًا المركز عن رؤية الهامش، وتطبق ثقافة العاصمة والإقليم فى تصنيف المثقفين والكتاب، وأقول لولا مسلسل الناس فى كفر عسكر، كان أحمد الشيخ سيتعرض لظلم أكبر، هذا مع أننى سأذكر لك عددًا من كتاباته ومنها الروايات «حكاية شوق، حكايات المدندش، سيرة العمدة الشلبى، أرضنا وأرض صالح، هوامش المدينة،عاشق تراب الأرض» ومن مجموعاته القصصية «النبش فى الدماغ» «حاصلة على جائزة الدولة التشجيعية فى الآداب عام 1985»، مدينة الباب، كشف المستور، الحنان الصيفى، البحر الرمادى، نصف الساعة السعيد، المنام المراوغ، ملاعيب الأكابر، رسام الأرانب، خطافة العيال، مواسم الشروق، عرض مجان» للجميع، دائرة الانحناء، و«كلام مساطب»، ومن أعماله للأطفال: «عسكرى الشطرنج الأبيض، نخلة حازم، القط الكسلان، أم الخير، الجاحظ، العصفور الأخضر الترجمان»، إضافة لسلسلة «الأشياء فى عيون الصغار».
رحل أحمد الشيخ تاركًا خلفه كتاباته، وبادئًا عام 2017 بحزن المثقفين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة