للأسبوع الثانى على التوالى تواصل صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية، والقناة الثانية بالتلفزيون الإسرائيلى، كشف معلومات وتفاصيل جديدة عن قضايا الفساد الكبرى المتهم فيها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو، والتى كان أخرها الكشف عن عقده صفقة مع مالك أحدى الصحف العبرية الأكثر أنتشارا فى إسرائيل لتخفيف الهجوم عليه.
وكشفت "هاآرتس" اليوم الاثنين، النقاب عن القضية المعروفة إعلاميا بالقضية "رقم 2000"، المتهم فيها نتانياهو، مشيرة إلى أنها ستسبب فى هزة ارضية وعاصفة شعبية داخل الرأى العام الإسرائيلى.
نتانياهو ومالك صحيفة يديعوت احرونوت ارنون نونى موزيس
رشوة متبادلة بين نتانياهو ومالك "يديعوت"
وكشفت التسجيلات الصوتية، عن صفقة دارت بين نتانياهو ومالك جريدة "يديعوت أحرونوت" رجل الأعمال آرنون نونى موزيس، مفاداها أن يعمل الأول على إضعاف صحيفة "يسرائيل هايوم" المجانية التى تنافس يديعوت بقوة، مقابل قيام موزيس بتغيير طابع النشر عن نتانياهو فى صحيفته بتخفيف لهجة الهجوم ضده، والتحول إلى تأييد سياسساته.
وقالت "هاآرتس" إن القضية 2000 الأكثر خطورة المنسوبة إلى نتانياهو، يوجد لها تسجيلات لنتانياهو اثناء مفاوضته لرجل الأعمال " موزيس " على رشوة متبادلة، وأن التسجيلات موجودة لدى الشرطة.
وفى وقت لاحق كشف جاى بيلج، فى نشرة اخبار القناة الثانية الإسرائيلية، أن رجل الاعمال هو موزيس، وعلمت "هاآرتس" أن نتانياهو وموزيس أجريا اتصالات طويلة شملت الكثير من اللقاءات فى السنوات الأخيرة.
إلغاء إصدار "يسرائيل هايوم" ضمن الصفقة
وأضافت "هاآرتس" أن نتانياهو وموزيس ناقشا امكانية تقييد القوة المتصاعدة لصحيفة "يسرائيل هايوم"، من خلال سن قانون يلغى توزيع الصحيفة مجانا، أو إلغاء صدورها، من أجل تحقيق ارباح مالية كبيرة لمالك "يديعوت احرونوت"، مشيرة إلى أنه قد جرت المحادثات بينهما نهاية عام 2014، بعد تبكير موعد الانتخابات على خلفية المصادقة على قانون "يسرائيل هايوم" فى القراءة التمهيدية.
وأوضحت الصحيفة العبرية، أنه قد تم فى الأسبوع الماضى التحقيق مع موزيس حول القضية الرئيسية التى يشتبه فيها نتانياهو، والمحادثة التى تم تسجيلها بينهما، والتى وصلت الى الشرطة قبل عدة أشهر.
وقد أتضح، مؤخرا، بأن أرى هارو، رئيس طاقم الموظفين فى ديوان نتانياهو سابقا، هو الذى سجل المحادثة بين نتانياهو وموزيس، بطلب من نتانياهو، إلا ان هارو لم يسلم التسجيل للشرطة، وانما حصلت عليه الشرطة صدفة خلال التحقيق الذى اجرته ضد هارو بشبهة تنفيذ صفقة وهمية بـ 3 ملايين دولار، والتى نشر عنها فى يونيو من عام 2016 الماضى، وكان الوسيط فى اللقاء بين نتانياهو وموزيس، والذى حضره ايضا، هو دوف ايخنولد، المدير العام لشركة "يديعوت" لنشر الكتب.
يديعوت تدافع عن مهنيتها
فيما وزع رئيس تحرير صحيفة "يديعوت أحرونوت" رون يارون، مساء أمس الأحد، رسالة على كل اعضاء هيئة تحرير الصحيفة، قال فيها: "إن ما النشر اليوم فاجأنا.. فأنا والمحررين والمراسلين لم نعرف بتاتا عن اجراء محادثة بين صاحب الصحيفة ورئيس الحكومة".
وأضاف يارون: "بطبيعة الأمر، وبما اننا لم نعرف عنها – فإننا لم نستطع التصرف كما يجب.. فكل ما ينشر فى يديعوت أحرونوت يتفق مع مبادئ الصحافة وينبع من معايير مهنية، وهكذا كان دائما وهكذا سيكون فى المستقبل".
وقال سياسيون عملوا مع نتانياهو انه عانى طوال سنوات من "جنون موزيس"، فانه "مقتنع بأن صاحب "يديعوت احرونوت" يملك ملفات حول سياسيين ويستغلها لتفعيل السياسيين من أجل اسقاطه.
جانب من تقرير هاآرتس حول فساد نتانياهو
وكانت "هاآرتس" قد نشرت فى ملحقها الأسبوعى، قبل شهرين تقريبا، تقريرا أشار إلى أن اللقاءات بين نتانياهو وموزيس بدأت منذ عام 2009.
وقال شخص التقى مع نتانياهو، قبل انتخابات 2009 لملحق "هاآرتس" إن نتانياهو قال له انه سيسره إجراء حديث مع موزيس والمح الى قدرته على التسبب بإغلاق "يسرائيل هيوم"، اذا تحسنت العلاقات مع موزيس.
وبعد اسبوع من نشر التقرير فى "هاآرتس" نشر ناتى توكر، فى ملحق "هآرتس" الاقتصادى "ذا ماركر"، مقال عاد فيه إلى أحداث وقعت قبل عدة أشهر من انتخابات 2009 التى اعادت نتانياهو إلى السلطة، وفى تلك الفترة أجرى نتانياهو حوارا مباشرا مع موزيس، وتوصل الخصمان القديمان، بعد صراع طويل بينهما بدأ منذ 1996، الى صفقة سرية.
وقال موزيس للمقربين منه فى حينه: "إن نتانياهو وعد بضمان عدم صدور نسخة من يسرائيل هيوم فى نهاية الأسبوع".
الحرب بين يديعوت ويسرائيل هايوم
وكان موزيس مقتنعا بأن الصفقة ستنقذ "يديعوت أحرونوت"، بعد تلقيها ضربة مؤلمة من "يسرائيل هايوم" وصاحبها الملياردير الأمريكى – الإسرائيلى شلدون أدلسون، وتخوف موزيس من تهديد "يسرائيل هايوم" بإصدار نسخة فى نهاية الأسبوع كملحق مانى وضرب الدخل الضخم الكبير لصحيفته.
ومن جهته، كان نتانياهو يقف امام معركة انتخابية وحاول احباط الهجوم عليه من قبل صحيفة يديعوت الاكثر انتشارا فى إسرائيل آنذاك.
وبعد عدة أشهر عادت الحرب بين نتانياهو وموزيس الى سابق عهدها وبكل قوة، وفى نهاية 2009 بدأت "يسرائيل هيوم" بإصدار نسخة نهاية الاسبوع بمئات آلاف النسخ، فردت "يديعوت احرونوت" بنشر سلسلة من التحقيقات والهجمات على نتانياهو ووزير الدفاع فى حينه، ايهود بارك، ومن ثم بالعمل على دفع قانون لإغلاق "يسرائيل هايوم".
تغطية عادية فى الصحيفتين
ورغم ان المسألة تتعلق مباشرة بصحيفتى "يديعوت أحرونوت" و"يسرائيل هايوم"، والأخيرة تعتبر منبرا إعلاميا رسميا لنتانياهو، إلا ان النشر حول القضية فى هاتين الصحيفتين كان عاديا من دون أى محاولة للتستر على ما ورد فى تقارير التلفزيون الإسرائيلى و"هاآرتس"، أو مجادلة معطياته، اللهم باستثناء البيان المقتضب الذى تنصل فيه كبير محررى "يديعوت" من معرفته بالصفقة.
تناول صحيفة يسرائيل هايوم لفضيحة نتانياهو مع يديعوت على استحياء
لكن "يديعوت احرونوت"، وخلافا لصحيفة "هاآرتس" تحاول التخفيف من حدة قضية موزيس، من خلال نشر التقرير الذى بثه الصحفى امنون ابراموفيتش، الذى يكتب فى الصحيفة بشكل دائم، فى القناة الثانية، امس، حيث قال بان وزارة القضاء تعتبر "القضية 1000" المتعلق بقضية رشاوى السيجار والشمبانيا والرشاوى الاخرى التى يشتبه حصول نتانياهو عليها من رجال الأعمال، اشد خطورة من ناحية قضائية، من "القضية 2000" الذى يتعلق بالمحادثة المسجلة بين نتانياهو ونونى موزيس.
وحسب التقرير المتعلق بالقضية الأولى رقم 1000 فأن العديد من رجال الأعمال اغدقوا هدايا باهظة الثمن على نتانياهو وزوجته سارة، خاصة حين كانا يسافران إلى دول بالخارج.
رشاوى السيجار والشمبانيا
وحسب تقرير للقناة العاشرة الإسرائيلية فقد وصلت طرود السيجار الى نتانياهو بواسطة مبعوث من قبل المنتج السينمائى بهوليود ميلتسين، وقد شهد هذا المبعوث أمام محققى الشرطة الإسرائيلية بأنه اشترى السيجار بمبلغ متراكم يصل الى عشرات الاف الشواكل فى كل مرة انتهى فيها المخزون لدى نتانياهو.
نتانياهو ومراقب عام الدولة دان شابيرو
وبالنسبة لزجاجات الشمبانيا، فقد تم شراؤها هى ايضا من مكان ثابت، وتم تحويلها الى منزل رئيس الحكومة بواسطة سائقى الزوجين نتانياهو، فيكتور سارجا ويارون متتياهو.
وكان المستشار القانونى للحكومة ابيحاى مندلبليت، قد تحدث فى بيانه الاسبوع الماضي، عن حدوث اختراق فى التحقيق ضد نتانياهو قبل شهر، لكن ابراموفيتش قال فى تقريره ان الاختراق المقصود كان فى "القشية 1000"، وليس فى "القضية 2000".
وجبات طعام فاخرة
وفى تقرير آخر نشرته "هاآرتس" حول ملف الشبهات الثانى المتعلق بحصول نتانياهو على رشوة من رجال اعمال كبار، أشارت إلى ما نشرته القناة العاشرة، مساء أمس، حول حصول نتانياهو وعائلته على "وجبات طعام" فاخرة بتكلفة عشرات آلاف الشواكل.
وحسب التقرير الإسرائيلى فأن الوجبات الفاخرة التى كانت تصل الى منزل عائلة نتنياهو فى مدينة "قيسارية" الساحلية بشمال إسرائيل، تنضم الى زجاجات الشمبانيا وعلب السيجار التى حصل عليها نتانياهو من رجال اعمال، ايضا، والتى تقدر تكلفتها بعشرات الاف الشواكل.
وحسب التقرير فقد دأب الملياردير الأسترالى جيمس باكر، المقرب من نتانياهو، على تمويل قسم من الرشاوى التى حصل عليها نتانياهو وابناء عائلته، فحسب الشبهات فان باكر والمنتج الهوليودى ارنون ميلتشين، كانا أكثر ممولين للرشاوى فى القضية، والى جانبهما رجال اعمال اخرين، كان لهم دور اصغر فى القضية.
نتانياهو يواصل إنكار التهم
وفى تقرير أخر لصحيفة "هاآرتس"، نقلت عن نتانياهو قوله خلال اجتماع لوزراء الليكود، أمس الأحد، إنه يعتقد بأن الشبهات ضده لن تسفر عن شيء، لكنه لا يستطيع كشف التفاصيل.
وأضاف نتانياهو: "ما يمكننى قوله لكم اليوم، هو اننى اعرف ما المقصود وانا اقول لكم بثقة كاملة، لن يحدث شيء لأنه لا يوجد شيء، فكل ما يقوم هنا هو ممارسة ضغط مرفوض وغير متوقف من قبل جهات فى وسائل الاعلام على جهات تطبيق القانون.. انهم يطلقون بالونات يخرج منها الهواء الساخن الواحد تلو الآخر، وهكذا سيحدث فى الموضوع الحالي، أيضا، وبالتالى اقترح على رفاقى فى المعارضة عدم الاحتفال لأنه لا يوجد سبب لذلك، السلطة يتم استبدالها فى صناديق الاقتراع".
الليكود يدافع عن رئيسه الفاسد
فيما قال رئيس الائتلاف الحكومى، دافيد بيتان من حزب "الليكود" لإذاعة الجيش الإسرائيلى "كول تساهال" إنه لا يصدق بأنه سيتم تقديم لائحة اتهام ضد نتانياهو، وانه حتى اذا تم تقديمها فانه "يمكن لرئيس الحكومة ان يواصل أداء مهامه".
وتطرق بيتان الى تسجيل المحادثة بين نتانياهو وصاحب جريدة "يديعوت أحرونوت" ارنون موزيس، قائلا: "لم اسمع التسجيل ولا اعرف ان كان هناك تسجيل، ولكن اذا تواجد تسجيل كهذا فمن الخطير جدا قيام احد بتسجيل رئيس الحكومة".
نتانياهو
بينما قال رئيس لجنة الداخلية بالكنيست، النائب دودى امسيلم من حزب "الليكود" أيضا، للإذاعة الإسرائيلية الثانية حول ما نشرته "هاآرتس" : "لا اعرف من اين لديهم المعلومات، افترض انه يجب التحقيق مع رئيس الحكومة وليس من المفروض أن يعرف احد حاليا عما يجرى التحقيق".
انقلابات بوليسية
وانتقد امسيلم الشرطة الإسرائيلية قائلا: "فى النظام الديموقراطى يستبدلون السلطة فى الانتخابات وليس بواسطة شرطة إسرائيل، نحن طورنا الأمر. عادة يفعلون ذلك بواسطة انقلاب عسكرى، ونحن نفعل ذلك بواسطة انقلابات بوليسية".
وعلى خلفية نشر تفاصيل قضية فساد نتانياهو، غرد رئيس الحكومة السابق، ايهود بارك، على حسابه فى موقع "تويتر" قائلا، إن نتانياهو لن يتمكن من مواصلة رئاسة الحكومة، مضيفا: "أن وزراءه سيضطرون الى اخراجه او انهم سيفقدون عالمهم ايضا".
المعارضة الإسرائيلية تدخل مجددا
وطالبت رئيس حركة "ميرتس" اليسارية الإسرائيلية، زهافا جلؤون، المستشار القانونى للحكومة ابيحاى مندلبليت بإقصاء نفسه عن معالجة ملفات نتانياهو، قائلة: "الشرطة كانت تملك طوال 3 اشهر تسجيلات لرئيس الحكومة وهو يدير مفاوضات مع رجل اعمال حول رشاوى متبادلة، ومن غير المعقول عدم قيام مندلبليت بفتح تحقيق فورى وتذويب الشبهات بالكلمة المغسولة فحص،وفى ظل غياب التفسير العلنى لتأجيل التحقيق يسود الاشتباه الحاد بحدوث تضارب مصالح خطير".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة