بعد أن كانت ألمانيا أشبه باليوتوبيا التى يحلم بها المهاجرون وطالبو اللجوء، على اعتبارها منارة أمل لليائسين والذين مزقتهم الحروب، فإن هذا الأمر على وشك أن ينتهى. فقد ذكرت صحيفة "واشنطن بوست الأمريكية" إن ألمانيا، وفى أعقاب عدد من الهجمات الإرهابية التى شهدتها ومن بينها الهجوم على سوق الكريسماس الشهر الماضى، تجرى الآن تغييرات صارمة فى نظام اللجوء الذى يقول المنتقدون إنه يعرض ملايين الألمان للخطر.
وفى الوقت الذى تتعهد فيه إدارة الرئيس الأمريكى القادم دونالد ترامب بقمع المهاجرين فى الولايات المتحدة، فإن التحركات فى الدولة الأكثر سكانا فى أوروبا الغربية تشير إلى أن نهجا أكثر تشددا يتشكل أيضا فى هذا الجانب من الأطلنطى. فالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التى تعرضت لانتقادات من ترامب بسبب ترحيبها باللاجئين المسلمين فى أغلبهم، تظل معارضة لبعض الاقترحات الأشد صرامة، منها الضغوط المتجددة لوضع سقف ثابت لطالبى اللجوء الجدد الذين مازالوا يصلون بمعدل عدة مئات فى اليوم الواحد.
لكن فى العام الذى ستجرى فيه الانتخابات، وبعدما أصبح موقف ميركل من اللاجئين أشبه بكعب أخيل، فإن المستشارة الألمانية وأبرز حلفائها يسارعون من أجل الإصلاح، على حد قول الصحيفة.
وقال ستيفان ماير، عضو البرلمان الألمانى من الاتحاد الاجتماعى المسيحى المنتمى إلى يمين الوسك، إنه لا يمكن الفصل بين الأمن وسياسات اللجوء. وفى إشارة إلى مرتكب حادث سوق عيد المبيلاد التونسى أنيس عامرى، قال إن الأخير جاء إلى ألمانيا وهو مصنف كلاجئ. وكلما جاء المزيد من اللاجئين على ألمانيا، كلما زاد احتمال أن يكون هناك "شريرا" بينهم.
وتمنح المقترحات التى يتم مناقشتها داخل الحكومة الألمانية السلطات مزيد من الصلاحيات لاعتقال أو وضع أساور على أقدام طالبى اللجوء الذين يعتبرون تهديدات إرهابية، وإنشاء مركز لترحيل طالبى اللجوء المرفوضين على أن يتم وضعهم فى مراكز قرب المطارات كضمان أفضل بطردهم من ألمانيا.
وكذلك، فإن الدول النامية التى ترفض استعادة مواطنيها يمكن أن تواجه قطعا فى المساعدات الأجنبية. ومن بين المقترحات الأكثر تشددا محاولة إعادة النظر فى خلفيات ما يقرب من 1.2 مليون من طالبى اللجوء ممن وصلوا إلى ألمانيا منذ عام 2015، عدد كبير منهم لم يتم فحصه بدقة.
وجاءت هذه الاقتراحات ردا على الهجمات الإرهابية التى تعرضت لها ألمانيا العام الماضى والتى تورط فيها مسلحون كان يفترض أنهم طالبى لجوء، إلى جانب اعتقال أكثر من 10 من طالبى اللجوء على صلة بمخططات أخرى. إلا أن مؤيدى اللاجئين يشعرون بقلق بالغ ويقولون إن مقترح مثل إقامة مراكز ترحيل فى كافة أنحاء البلاد يمكن أن ينتهك حقوق الإنسان للاجئين الأبرياء.
وأشارت واشنطن بوست إلى أن أغلب المقترحات لا تزال تتطلب اتفاقيات سياسية قبل أن تتحول إلى مشروعات قوانين وأيضا موافقة برلمانية. بينما يحذر المحللون من أن بعضها سيكون الصعب فرضه لو لم يتم التوصل إلى إجماع.
غير أن الرغبة فى التغيير تزداد، وأشارت ميركل إلى استعداداه لدعم بعض من الإجراءات. وقالت المستشارة الألمانية هذا الأسبوع إن هؤلاء الذين ليس لهم حق البقاء يجب أن يعودوا إلى بلدانهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة