لا أدرى لما شعرت بنبرة حزن فى صوت الرئيس السيسى، وهو يتحدث لعمرو أديب تليفونيا، حول الحرب التى تخوضها مصر ضد الإرهاب، ومن وراءه من دول وأجهزة خارجية، تدفع المليارات لتجنيد هؤلاء المتطرفين لإسقاط مصر، أو على الأقل لإجهادها وتعطيل مسيرتها.
الرئيس كان يتحدث عن إنجازات كبيرة متحققة على مستوى الحرب على الإرهاب، وصيانة حدود الدولة ومصالحها، والمضى فى خطط التنمية بخطوات جادة، لكنه عند الحديث عن الاصطفاف الوطنى، استدعى حالة مصر فى الستينيات، لماذا؟ لأن التهديدات والتحديات التى نواجهها متشابهة مع ما كنا نواجهه خلال تلك الفترة، لكن شتان بين توحد النخب والسياسيين وطوائف وفئات المجتمع فى الستينيات، وبين ما هى عليه اليوم، وأعتقد أن هذه المقارنة التى تثير كثيرا من علامات الاستفهام وراء نبرة الحزن الدفين فى صوت الرئيس.
السيسى فى حديثه يتحدى كل قوى الشر فى العالم، ويعلن استعداده لها وقدرته بمؤسسات الدولة للانتصار عليها وإنقاذ البلد، لكن أكثر ما يقلقه ألا يكون المصريون صفا واحدا كالبنيان المرصوص فى مواجهة التحديات الوجودية التى يواجهها البلد.
الرئيس بتهذيب كبير يقول: إن أجهزة الدولة ومؤسساتها لا تتخذ الإجراءات القانونية تجاه السياسيين المارقين والشباب المخدوع على وسائل التواصل الاجتماعى، الذين يساعدون من دون أن يدرون أو بحسن نية قوى الشر التى تستهدف بلدنا، لإدراكه أن المصريين مروا بتجربة كبيرة فى 2011، ولا بد أن تمر التجربة بكل مراحلها، خاصة أن جموع المصريين تعلموا الكثير، واكتسبوا الوعى الذى مكنهم من تفويت كل الفرص على من يخططون وينفذون برامج الفوضى لإحداث الانقسام فى المجتمع ودفعه للثورة من جديد.
وهنا أود أن أقول للرئيس: إن الأغلبية الساحقة تملك الوعى بأهمية الاصطفاف حول قيادتها فى معركة الإرهاب، ومعركة التنمية، ومعركة استعادة الزمام عربيا وأفريقيا ودوليا، وهؤلاء الأفراد الذين يغردون خارج السرب فى الأحزاب الورقية أو فى الشركات والجمعيات الحقوقية وثيقة الصلة بسفارات أمريكا وكندا والدول الأوروبية، وكذا المائتان الذين يثيرون الغبار على السوشيال ميديا، لا يمكن اعتبارهم فئة مؤثرة أو حتى فصيلا معارضا، ولا يمكن حساب تأثيرهم إلى جانب الإرادة الجماعية للمصريين.
المصريون أعلنوا اختيارهم وتوجههم أكثر من مرة بوضوح كامل، عندما واجهوا الإخوان ومن تحالف معهم، وعندما كسروا الإرهاب فى الداخل وحصروه فى بقعة صغيرة بسيناء، وعندما رفضوا وتجاهلوا دعاوى الثورة المزيفة أكثر من مرة، وعندما تحملوا رفع أسعار الوقود، وعندما تحملوا بصبر مدهش تحرير سعر الصرف وما تلاه من غلاء، أليس فى كل تلك المواقف استفتاءات عامة على خريطة الطريق التى يريدها المصريون؟
لا تحزن يا سيادة الرئيس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة