الحروب ليست لها طريقة واحدة للقتل، ففى كل يوم تكون هناك حيل جديدة لتدمير الإنسان، وها هى ليبيا الشقيقة تدور فى دائرة طويلة من العنف الذى راح ضحيته الكثيرون ممن لا ناقة لهم ولا جمل، فى هذه الظروف الصعبة، وآخر هذه المآسى، تحذير منظمة الصحة العالمية من ارتفاع نسبة انتشار فيروس نقص المناعة المكتسبة الإيدز، فى ليبيا منذ عام 2011.
الأمر ليس مجرد جملة احترازية أطلقتها منظمة الصحة العالمية، فالواقع كما يؤكده أحمد سالم، المتحدث الرسمى باسم مكتب منظمة الصحة العالمية فى ليبيا لإذاعة الأمم المتحدة: «أن عدد حاملى فيروس نقص المناعة المكتسبة الإيدز المسجلين فى البلاد يقدر بحوالى 6330 مريضًا»، وأن آخر تقييم أجرته المنظمة للنظام الصحى فى ليبيا، كشف انهيارًا عامًا فى الخدمات الطبية من حيث شراء الأدوية وتوزيعها، مضيفًا أن عام 2016 شهد تدهورًا كبيرًا فى النظام الصحى الليبى، ترتب عليه نقص شديد فى الإمداد الطبى، والأدوية المضادة لفيروس مرض نقص المناعة المكتسبة فى كل أنحاء ليبيا، ما أدى إلى وفاة الكثير من المرضى المصابين بالفيروس.
هكذا تفعل الحرب وعدم الاستقرار والدوران فى فلك المدرعة الحربية والبندقية، تعود بنا فجأة إلى زمن عصور الظلام القديمة، فينتشر المرض الذى لا نعرف كيف نحده أو نتعايش معه، ونقف عاجزين عن إنهاء الأزمات، لأننا لم ننهِ الحرب ونتفق على كلمة سواء لتنجو البلاد مما فيها من خراب.
ليبيا ظروفها صعبة والتقارير تؤكد أن الحالة الصحية متأخرة، لكن مرض الإيدز، أخطر مما يبدو، لأنه لا قدر الله لو زاد وانتشر فهو كارثة بكل المقاييس تهدد السكان جميعًا، خاصة أن الثقافة الشعبية هناك لا تعترف بهذا الأمر ولا بالإعلان عنه ومواجهته، سيعتبرونه ذنبًا يطاردهم ويخبؤنه مما يعمل على انتشاره حتى يطيح بكل شىء.
نقول إن ليبيا فى موقف صعب جدًا بسبب عدم الاستقرار الممتد منذ 5 سنوات، أما شعبها فلا يعرف تحديدًا، ما الذى عليه فعله كى ينجو، كل الظروف ليست فى صالحه، السياسيون متناحرون، والقبائل لا تعلى المصلحة العامة، المسؤولون لا يتحركون إلى الأمام، بينما تنظيم داعش الإرهابى يتربص بالجميع، ويستغل عدم الاستقرار ليعيش هو.
بالطبع على جامعة الدول العربية، أن تتنبه لهذا الأمر، وكونها غير قادرة على حل المشاكل السياسية لا يعنى أن تقف مكتوفة الأيدى فى الظروف الصحية الحرجة التى تهدد بلدًا عربيًا، كما أنه على منظمة الصحة العالمية أن تكثف أنشطتها هناك، وأن تسعى لوضع حل، لا نريد لليبيا أن تسوء أمورها أكثر مما فيه، بل نريد لها السلامة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة