ثارت حالة من اللغط خلال الأيام القليلة الماضية، حول علاقة الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب، بروسيا ورئيسها فلاديمير بوتين، وذلك فى الوقت الذى يتجه فيه الرئيس الأمريكى الجديد، الذى يحمل الرقم 54 بين ساكنى البيت الأبيض، لإجراء تغييرات جذرية فى السياسات الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، واختياره لوزراء فى إدارته يتمتعون بعلاقات جيدة مع موسكو، ومنهم ريكس تيلرسون، وزير الخارجية الأمريكى الجديد، الذى قدم له الرئيس الروسى فلاديمير بوتين "وسام الصداقة" فى العام 2001.
بوتين
وأبرز ما ثار خلال الآونة القليلة الماضية، ما أشيع نقلًا عن تقارير لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سى آى إيه)، بامتلاك أجهزة المخابرات الروسية معلومات وتفاصيل عن الحياة الشخصية لـ"ترامب"، وأن موسكو قد تستغل تلك المعلومات فى الضغط على الرئيس الجديد، والحفاظ على دعمه لرفض العقوبات الأوروبية والأمريكية المفروضة على شركة "روس نفت" فى العام 2014، بعد ضم روسيا لـ"شبه جزيرة القرم" إليها، لكن الرئيس الأمريكى المنتخب، والإدارة الروسية أيضًا، نفيا أكثر من مرة صحة تلك التقارير، مؤكدين أنها تقارير مزيفة، هدفها التشويه، بل إن "ترامب" أكد أنها محاولة من معارضيه السياسيين للتقليل من انتصاره فى الانتخابات الأمريكية، باستخدام أخبار مزيفة.
ترامب
معلومات جديدة عن كاتب تقارير "ترامب".. عميل سابق للمخابرات البريطانية
المفاجأة الجديدة فى هذا الملف، تتمثل فى توافر معلومات جديدة عن الشخص الذى كتب التقارير عن امتلاك روسيا لمعلومات تستغلها لممارسة ضغوط مستقبلية على "ترامب"، وذلك بعد أن كشفت مصادر مطلعة، عن أن "كريستوفر ستيل"، الذى كتب تقارير تزعم أن عملاء روسيا جمعوا معلومات مثيرة للشبهات عن الرئيس الأمريكى المنتخب "دونالد ترامب"، هو ضابط سابق بجهاز المخابرات البريطانية.
وقال مسؤولون سابقون فى جهاز المخابرات البريطانية، المعروف باسم "إم آى 6"، إن "كريستوفر ستيل" قضى سنوات من عمره يعمل لحساب الجهاز، متخفّيًا فى عباءة السلك الدبلوماسى فى روسيا وباريس، وفى وزارة الخارجية بالعاصمة لندن، موضّحين أنه بعد تركه العمل فى جهاز المخابرات، زود مكتب التحقيقات الاتحادى الأمريكى بمعلومات عن وقائع فساد فى الاتحاد الدولى لكرة القدم "فيفا"، مؤكدين أن ما قدمه من معلومات عن الفساد فى كرة القدم العالمية، هو الذى منح المصداقية لتقريره عن جمع معلومات تخص "ترامب" فى روسيا.
مقر شركة الجاسوس البريطانى
تقرير الجاسوس البريطانى عن "ترامب" يحظى بالثقة بسبب واقعة "الفيفا"
وتشير رسائل بالبريد الإلكترونى، قالت "رويترز" إنها اطّلعت عليها، إلى أن أعضاء فى فريق مكتب التحقيقات الاتحادى المكلف بالتحقيق فى "الجريمة المنظمة فى منطقة أوروبا وآسيا"، قابل كريستوفر ستيل فى لندن، لمناقشة اتهامات عن الفساد المحتمل فى الاتحاد الدولى لكرة القدم "فيفا"، الذى يتولى تنظيم نهائيات كأس العالم لكرة القدم، ومقره فى زيورخ بسويسرا، فيما أوضح أفراد مطلعون على أنشطة "ستيل"، أن اتحاد كرة القدم الإنجليزى تعاقد مع شركته، التى تتخذ من بريطانيا مقرًّا لها وتحمل اسم "أوربيس بيزنس إنتليجانس"، وتأسست فى مارس 2009 بحسب سجلات الشركات البريطانية، لجمع تحريات عن "فيفا"، إذ كان الاتحاد الإنجليزى فى ذلك الوقت يأمل فى الفوذ بحق تنظيم كأس العالم 2018 أو 2022، لكن وسط عاصفة من الاتهامات بالفساد وقع الاختيار على موسكو وقطر لاستضافة نهائيات كأس العالم فى البطولتين المذكورتين على الترتيب.
فى وقت لاحق، فتح فريق مكتب التحقيقات الاتحادى، الذى قابل أعضاؤه الضابط البريطانى كريستوفر ستيل، تحقيقًا موسّعًا فى اتهامات بالفساد فى عالم كرة القدم، أدت إلى توجيه الاتهامات لعشرات فى الولايات المتحدة الأمريكية، شملت مسؤولين بارزين فى كرة القدم العالمية، ما اضطر كبار المسؤولين فى الفيفا، بمن فيهم رئيس الاتحاد "سيب بلاتر"، لتقديم استقالاتهم.
حزب "ترامب" يتجسس عليه.. وشركة أمريكية تتعاقد مع الجاسوس البريطانى
وقالت "رويترز" فى تقريرها، إنه فى البداية تعاقدت شركة للأبحاث السياسية، اسمها "فيوجن جى. بى. إس" ومقرها العاصمة الأمريكية واشنطن، مع العميل كريستوفر ستيل لإجراء تحريات عن "ترامب"، لحساب مجموعة غير معروفة من الجمهوريين، كانت تريد منع "ترامب" من الفوز بترشيح الحزب الجمهورى فى انتخابات الرئاسة الأمريكية.
وفى هذا الصدد، ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية "بى. بى. سى"، أن "جيب بوش"، أحد منافسى "ترامب" الـ 16 فى الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهورى عام 2016، هو من تعاقد فى البداية مع "ستيل"، ولكن لم يتسن حينها التحقق من صدق رواية "بى. بى. سى" فى هذا الشأن، ورغم فوز "ترامب" بترشيح الجمهوريين للانتخابات الرئاسية الأمريكية فى وقت لاحق، إلا أن شركة "فيوجن جى. بى. إس"، أبقت على تعاقدها مع "ستيل"، ووصلت المعلومات التى تمكنت الشركة من الحصول عليها عن طريق "ستيل" إلى شخصيات فى الحزب الديمقراطى، وبعض العاملين فى مجال الإعلام.
وفى يوليو 2016، بدأت تعاملات كريستوفر ستيل مع مكتب التحقيقات الاتحادى، فيما يتعلق بـ"ترامب"، وفى البداية كانت الاتصالات مع الضابط الكبير الذى بدأ التحقيق فى قضية الاتحاد الدولى لكرة القدم "فيفا"، ثم انتقلت بعد ذلك إلى موقع فى أوروبا، لكن "ستيل" قطع اتصالاته مع مكتب التحقيقات الاتحادى قبل حوالى شهر من انتخابات الرئاسة، وتحديدًا فى 8 نوفمبر، لأنه شعر بخيبة أمل من بطء ما يحرزه مكتب التحقيقات من تقدم.
مكتب التحقيقات الاتحادى يدرس علاقة "ترامب" بالروس استنادا لتقرير كريستوفر ستيل
وقال مسؤولون مطلعون على سير التحقيقات، إن مكتب التحقيقات الاتحادى فتح تحقيقًا أوليًّا فى تعاملات دونالد ترامب وفريق معاونيه مع الروس، بناءً على عدة عوامل، منها تقارير "ستيل"، إلا أن المسؤولين قالوا: "إن مكتب التحقيقات أبطأ سير التحريات فى الأسابيع التى سبقت الانتخابات، لتجنب التشويش على عملية الإدلاء بالأصوات".
وأكد مسؤولون، أن شعور "ستيل" بالإحباط تزايد، وتوقف عن التعامل مع مكتب التحقيقات الاتحادى، بعد أن استخلص أن المكتب ليس جادًّا فى التحقيق فيما زوّده به من معلومات، وظلّت تقارير "ستيل" متداولة لعدة أشهر فيما بين وسائل إعلامية كبرى، من بينها "رويترز"، لكن لم تتمكن المؤسسات الإعلامية ولا أجهزة إنفاذ القانون أو الاستخبارات الأمريكية من دعمها بالأدلة.
وفى السياق ذاته، نشر موقع "باز فيد" الإلكترونى، بعض تقارير الضابط البريطانى كريستوفر ستيل عن الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب، يوم الثلاثاء الماضى، لكن الرئيس المنتخب ومساعديه قالوا فيما بعد إن هذه التقارير زائفة، وكان للسلطات الروسية نفس التعليق بشأن "زيف" تلك التقارير.
فيما قال زملاء لـ"ستيل"، أمس الأربعاء، إنه لا يمكن الاتصال به للتعقيب، وقال "كريستوفر باروز"، المدير بشركة أوربيس، والشريك فى تأسيسها مع "ستيل"، لصحيفة "وول ستريت جورنال"، التى كانت أول من نشر اسم "ستيل"، إنه لا يمكنه تأكيد أو نفى قيام الشركة بإعداد التقارير المنشورة عن "ترامب".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة