أختتم ما بدأته فى المقالين الماضيين بتناول كتاب «الإعلام.. الهيمنة الناعمة وبدائل المواجهة»، للكاتب الدكتور محمد شومان، عميد كلية الإعلام بالجامعة البريطانية.
عن «مظاهر الفوضى» فى الإعلام المصرى يخصص «شومان» الفصل الثالث من كتابه، مشددًا على أن ثورة 25 يناير لم تصل إلى الإعلام العام والخاص، ويشير إلى أن إعلامنا قبل الثورة لم يكن مهنيًا واحترافيًا بدرجة مُرضية، وإنما كان مسيسًا بدرجة كبيرة، وخاضعًا لأهواء ومصالح نظام مبارك وبعض رجال الأعمال الذين أطلقوا عددًا محدودًا من القنوات التليفزيونية.
بعد الثورة استمر تدهور أحوال الإعلام، ويذكر المؤلف عددًا من مظاهر هذا التدهور، كسقوط الحد الأدنى من المهنية والحرفية، وانتهاك مواثيق الشرف الإعلامى والأخلاق العامة، ويؤكد أن هذه الحالة تورط فيها الإعلام العام والخاص منذ حكم جماعة الإخوان وبعد 30 يونيو، ففى حكم الإخوان أصبح الإعلام إحدى أهم وسائل الصراع السياسى، ولعب دورًا مهمًا فى تعميق الاستقطاب والصراع فى المجتمع، وتورط إعلام الإخوان فى ممارسات لا يمكن علميًا وأخلاقيًا نسبتها إلى الإعلام كمهنة وعلم له قواعد ومواثيق شرف، وإنما يمكن وصفه بالدعاية والتضليل، ويندهش «شومان» من أن كل القوى السياسية ومعظم الإعلاميين استمتعوا بهذه الحالة من الإعلام، وراهنوا بسذاجة على الدور الكبير للميديا فى تحريك الأحداث، وتغيير اتجاهات الناس، أما بعد 30 يونيو فوجدنا الهجوم على 25 يناير، وتصويرها كمؤامرة.
يتناول المؤلف صناعة التليفزيون فى مصر، واصفًا إياها بـ«المأساة»، مؤكدًا أنها تعانى من مشكلات هائلة، ومصيرها غامض، حتى يمكن القول إنه لا مستقبل لها، وقد تتراجع كما تراجعت صناعة السينما، ويرصد «شومان» أهم مشاكل هذه الصناعة، وأبرزها أن ملاكها لا يدركون أنها صناعة، لها قواعد وأسس علمية فى الإدارة والتشغيل والتمويل والتخطيط والمتابعة والتطوير، وفى هذا السياق سنجد أن الحكومة تدير القنوات العامة فى ماسبيرو بطريقة بيروقراطية قديمة، تحافظ على الحضور والتبعية للدولة بغض النظر عن مستوى المضامين والأشكال الإعلامية ونسب المشاهدة، أما رجال الأعمال الذين يديرون القنوات الخاصة فهم يتدخلون فى الإدارة والإنتاج والتشغيل، ويتعاملون مع قنواتهم باعتبارها أداة للدفاع عن مصالحهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة