تصوير المشهد فى سيناء على أنه مثل سوريا أمر خطير ورسائل كارثية لا يمكن السكوت عليه
الكاتب فهمى هويدى، يرى فى نفسه الكاتب الأوحد الذى يقف الشارع على أصابع أقدامه منتظرا نشر مقاله، وكان دائما يروج لذلك فى مجالسه الخاصة قبل اندلاع ثورة يناير بسنوات، والتأكيد على أن مقاله فى صحيفة الأهرام صباح كل ثلاثاء، يزيد من معدلات التوزيع، مثله مثل بريد الأهرام، الذى كان يكتبه الراحل «عبدالوهاب مطاوع» صباح يوم الجمعة، وهو ادعاء باطل، ولا يمت للحقائق بصلة، والفارق بين توزيع الأهرام يوم الجمعة وأى يوم آخر كان شاسعًا.
فهمى هويدى الكاتب الإسلامى- كما كان يوصّف نفسه قبل الثورة، على اعتبار أنه يمتلك الحقوق الحصرية للديانة الإسلامية من بين كل الكتاب المصريين- لم يكتف فقط بالترويج بأن مقاله كان يزيد من توزيع الأهرام، إنما كان عندما يخفت نجمه قليلا، يخرج على الجميع بحيلة تُعيده لصدارة الأضواء من جديد، بالترويج لشائعة أن مقاله رفضت الأهرام نشره، فيذهب به لجريدة العربى الناصرى، التى تصدر أسبوعيا، وكون إدارة الجريدة تجرى فى شرايينهم الدماء المعارضة الساخنة إلى حد الغليان، تنشره، محتفية به، وتحت عناوين صارخة من عينة «ننشر مقال فهمى هويدى الممنوع من النشر فى الأهرام»، ثم تفاجأ بعد الطبع بأن المقال منشور فى الأهرام، اليوم التالى، فى ضربة موجعة لجريدة العربى الأسبوعية.
فهمى هويدى، كاتب أظهر انتماءاته الفكرية بكل قوة عقب الثورة، بتعاطفه الكامل مع جماعة الإخوان الإرهابية، وسخر فكره وقلمه للدفاع باستماتة، عن جماعة إرهابية، سطرت عارا عظيما فى الفشل، وأصبحت عبرة وعظة فى كتب التاريخ، ليس للشعب المصرى فحسب، ولكن لكل الشعوب الباحثة عن التقدم والازدهار والرقى، وعندما اختفت الجماعة، وانتحرت سياسيا وقيميا، ودينيا، من الشارع المصرى، أصيب الرجل بصدمة عنيفة، أفقدته القدرة على تمييز ما هو غث وما هو سمين.
لم يقتصر فهمى هويدى، دفاعه عن جماعة الإخوان، ولكن امتد إلى التعاطف مع الجماعات المتطرفة فى سيناء، وهى نقلة خطيرة، حيث فوجئنا بمقال للرجل فى الزميلة الشروق يوم الأربعاء الماضى، 11 يناير، يتناول الوضع فى سيناء، وأظهر معارضة لما يدور هناك، ويشجب منع الصحفيين من الذهاب إلى سيناء للوقوف على الحقائق هناك، وهو طلب غريب لا يمكن استيعابه بسهولة.
قال فهمى هويدى فى مقاله نصا: «منذ منع دخول الصحفيين إلى سيناء، وطلب منا أن نتابع ما يجرى من خلال البيانات الرسمية وتصريحات المتحدث العسكرى، فإننا لم نفهم شيئا مما يجرى فيها، وكانت النتيجة أنها صارت لغزا دمويا عصيا على الحل».
ثم ساوى فهمى هويدى بين جنود وضباط مصر بالإرهابيين، عندما قال نصا: «ذلك أنه لم يعد يمر أسبوع دون أن نطالع فى البلاغات أخبار الاشتباكات والتفجيرات التى يسقط فيها الضحايا من الجنود والأهالى والإرهابيين»، ثم ألمح بصراحة إلى أن الوضع فى سيناء يشبه الوضع فى سوريا، عندما قال نصا: «قرأت فى الآونة الأخيرة دعاء ورجاء تناقلته مواقع التواصل الاجتماعى لسيناوى قال فيه: اللهم إننا استودعناك سيناء وأهلها، فاحفظها واحفظ أهلها بما تحفظ به عبادك الصالحين، اللهم احقن الدماء واجعل الغمة تزول عن بلادنا، وهو ما ذكرنى بمسيرات السوريين الذين شاع بينهم القنوط حين ضجوا بحجم القصف والبراميل المتفجرة، فخرجوا إلى الشوارع منادين: ما إلنا غيرك يا الله».
همز ولمز وغمز فهمى هويدى، على أن سيناء مثل سوريا، أمر خطير، ورسائل كارثية هدفها خبيث، بجانب أن تعاطفه الكبير مع الجماعات المتطرفة إنما أمر تجاوز الحد، ولا يمكن أن نطلق على من يتعاطف ويناصر الجماعات المتطرفة والتكفيرية الإرهابية، معارضة، ولا يمكن أن نقبلها أو نتعاطف معها، وأن سيناء ليست سوريا يا أستاذ فهمى، وكفاك دس السم فى عسل الكلام!
ولك الله يا مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة