قال رئيس لبنان الأسبق، أمين الجميّل، إن علاقة القاهرة وبيروت تاريخية، وتتجاوز الحكومات والأزمات، مؤكدًا أن التاريخ والمعاناة والمصالح المشتركة، جمعت الدولتين. وفى حوار، لـ«اليوم السابع»، استعرض الجميل، العديد من الملفات والقضايا الإقليمية والدولية، واصفًا الصراعات التى شهدتها المنطقة فى الوقت الحالى «عبثية»، وتحتاج إلى مزيد من التوافق لحلها.
وأكد الجميل، أن لبنان حافظ على استقراره، رغم الظروف المحيطة به، بسبب «ثقافة الحوار» المتجذرة لدى الشعب، فيما هاجم مؤتمر «الأستانة» الذى سيناقش سيناريوهات التسوية السياسية، والمقرر عقده 23 يناير، لانعقاده بين أطراف تركية وإيرانية وروسية، فى غياب كامل للعرب على حد قوله.. وفيما يلى نص الحوار:
فخامة الرئيس.. ما هو تقييم سيادتكم لشكل العلاقات بين مصر ولبنان خاصة بعد تشكيل الحكومة الجديدة فى بيروت؟
العلاقات بين مصر ولبنان، ليست لها علاقة بالحكومة الحالية فى لبنان ولا التى سبقتها، فهى علاقة بين حبيبين بين شقيقين بين دولتين، التاريخ والمعاناة والمصالح المشتركة جمعتهم، ومن هنا ترسخت علاقات تتجاوز الحكومات والعهود وكل الظروف والأزمات.
العلاقة الخاصة بين الشعب اللبنانى والشعب المصرى ليست لها علاقة بالظروف السياسية وهناك علاقة قرابة وصهر بين الشعبين، ومنهم عائلتى، فوالدتى من مصر ولدت وعاشت فى المنصورة، وكذلك الكثير من العائلات اللبنانية، ولا ننسى أن مؤسس مؤسسة الأهرام العريقة هو لبنانى، كما أن رئيس تحرير الأهرام فى الثلاثينيات أنطون جميل، فلذلك ما يربطنا بمصر هو أبعد من الظروف الحالية.
سيادة الرئيس.. نريد أن توضح للرأى العام فى مصر الوضع السياسى الحالى فى لبنان؟
لنعترف أنه برغم كل الظروف التى تعصف بالمنطقة وبجوار لبنان فى سوريا والعراق واليمن وليبيا، وغير ذلك، ورغم ذلك من تأثيره على الساحة اللبنانية، بقى لبنان أكبر الدول استقرارًا، ليس استقرارًا مطلقًا، إنما بالمقارنة مع الآخرين فهو أفضل استقرار رغم ظروف المنطقة والأجواء المتلبدة. وهناك واقع معين أن لبنان حافظ على استقراره، وكان السبب فى ذلك أن لبنان حافظ على «ثقافة الحوار»، فهذه الثقافة متجذرة عند اللبنانيين، فكانت فى أصعب الظروف تدفع وتشجع الحوار كوسيلة أولية لفض الخلافات، وقعت بعض الخلافات والصدمات، ولكننا كنا نتمكن من خلال ثقافة الحوار من الحفاظ على أمن واستقرار البلاد.
الوضع فى سوريا متأزم.. وهناك مؤتمر الأستانة الذى سينعقد قريبًا.. هل سيكون هناك حلحلة للوضع السياسى هناك؟
أنظر إلى هذا الأمر من ناحيتين، ناحية إيجابية، وهى أننا نأمل أن يكون لهذا المؤتمر نتائج إيجابية على الساحة السورية.
أما الناحية السلبية، هى غضب شديد، حيث إن مصير دولة عربية فى الشرق الأوسط وتأثيرها على دول الجوار كلبنان والأردن والعراق وغيرها من الدول العربية، أن تكون هذه المشوارات والمؤتمرات بين الأتراك وإيران وموسكو.. أين العرب؟ أين مصر؟ أين المملكة العربية السعودية؟ أين بقية العرب؟ كيف يمكن وكيف يجوز إذا اعتبرنا أن هذا المؤتمر مؤتمر تشاور أن يحدث هذا التشاور بمعزل عن العرب؟ وهذا شىء مستهجن ومستغرب، ويجب أن يكون إشارة واضحة للعالم العربى، أن المصير يتحدد بغياب عنا وبغياب عن قيادته وبغياب الدول المؤثرة فى المنطقة.. فقادة العرب مغيبين تمامًا عن هذا المؤتمر وهذا شىء سلبى.
إذًا ما هو الحل من وجهة نظرك؟
لا أرى أى حل عى الأمد السريع، ولكن آمل أن يتم تفاهم بين موسكو وواشنطن فى ضبط أصدقائهم بالمنطقة، المتورطين فى هذا الصراع الدموى العبثى، وأن تعمل الدولتان على اتفاق سريع جدًا لوقف دائم لإطلاق النار، ولوقف هذا الاقتتال وهذا التدمير المبرمج، وهذا التهجير الذى لم تشهده المنطقة من قبل، فخلال السنوات الأخيرة تم تهجير أكثر من 4 ملايين لاجئ سورى، وهذا رقم مخيف على سوريا وكل هذا يجب أن يتوقف فورًا، من خلال الحوار بين موسكو وواشنطن.
مؤتمر باريس للسلام الذى انعقد مؤخرًا لمحاولة حل الصراع بين إسرائيل وفلسطين ولم يسفر عن شىء كباقى المؤتمرات السابقة.. من وجهة نظركم متى يتم إنهاء الاحتلال؟
إن لم يكن هناك موقف صارم من جانب المجتمع الدولى، لا سيما أمريكا لإقناع إسرائيل، أنه من واجبها ومن مصلحتها أن تلجأ إلى الحوار لكى تنهى الصراع، لن يوجد هناك حل. فإسرائيل غير جاهزة لمثل هذا الحوار ولا هى جاهزة لإتمام الحل السياسى وعلى ما يبدو إسرائيل غارقة فى أحلامها السابقة، وبالتالى لا أرى النتيجة قريبة.
ما هو تقييم سيادتكم لموقف الدول العربية تجاه الانتهاكات الإسرائيلية اليومية للقدس المحتلة؟ ومتى سيكون للعرب كلمة واحدة تجاه العدو؟
هذا يقتضى «أعجوبة».. أن يتوحد العرب هو حلم، على الأقل أن يتوحدوا على هدف البقاء، ومن الواضح أن المحن التى يتعرض لها العالم العربى هى «انتحار رضائى».. العرب «ينتحرون طواعية» ويفسحون المجال لكل أعدائهم أن يمرحوا ويقطفوا ثمار كل ما نزرعه بأيدينا من بذور الفتنة والصراعات العبثية.
هل أنت راضٍ عن أداء الجامعة العربية؟
الجامعة العربية غير موجودة، فهى مغيبة، والدليل على ذلك غيابها الكامل عن الملف السورى، ومؤتمر الأستانة الذى تحدثنا عنه من قبل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة