يواجه رئيس الوزراء الكندى "جاستن ترودو" تحقيقًا بواسطة مفوضة الأخلاقيات بتورونتو على خلفية قضاءه عطلة فى جزر الباهاما فى ضيافة زعيم الشيعة الإسماعيلية، وسفره على متن طائرة خاصة، وهو ما يعد انتهاكًا لقانون تضارب المصالح، بحسب صحف كندية.
وأعلنت مفوضة الأخلاقيات فى كندا مارى داوسون، أنها فتحت تحقيقًا مع رئيس الوزراء جاستن ترودو بسبب عطلته الأخيرة التى قضاها بجزر خاصة بضيافة الملياردير شاه كريم الحسينى فى رأس السنة، وهو يعتبر إمام الشيعة الإسماعيلية النزارية فى العالم ويحمل لقب الأغا خان الرابع.
مفوضة الأخلاقيات فى كندا مارى داوسون
وقالت داوسون فى خطاب ردًا على نواب محافظين طالبوا فتح تحقيق مع ترودو: "لقد بدأت فحص..فى قانون تضارب المصالح لتحديد ما إذا كان السيد ترودو قد أخل بالقانون فيما يخص بقاءه وسفره إلى جزيرة مملوكة لآغا خان"، حسبما نقلت صحيفة جلوبال نيوز.
وتقول الصحيفة إن مكتب ترودو كان مترددًا فى البداية للإفصاح عن تفاصيل العطلة التى قضاها مع عائلته، ولكن متحدث رسمى له أشار إلى أن رئيس الوزراء قد سافر على متن طائرة حكومية إلى ناساو عاصمة دولة الباهاماس.
ولكن بعد ذلك، ظهرت تفاصيل تشير إلى أن ترودو وأسرته وضيوف له قد قبلوا رحلة مجانية على متن طائرة هليكوبتر خاصة بآغا خان، وهو أحد أصدقاءه ويتملك مؤسسة تمولها الحكومة الفيدرالية الكندية بملايين الدولارات.
ويمنع قانون تضارب المصالح الكندى المسئولين أو أعضاء أسرهم من قبول هدايا، عدا التعويض الذى يكفله القانون، والتى ينظر إليها باعتبارها قد تؤثر على آداء أو وظيفة المسئول، كما يمنع رئيس الوزراء والوزراء ومستشاريهم وأسرهم من قبول رحلات على متن طائرات خاصة غير تجارية أو مستأجرة، مع وجود بعض الاستثناءات.
ترودو: سعيد بالتحقيق ويثبت الشفافية
وأوضح رئيس وزراء كندا جاستن ترودو - فى حوار مع هيئة الإذاعة الكندية – أن العطلة كانت عائلية، وكانت مع شخص يعرفه منذ الطفولة وصديق قديم لأسرته، مضيفًا أنه يرحب بالتحقيق الذى ستجريه معه المفوضة لأن ذلك فى اعتقاده يثبت "الانفتاح والشفافية" التى يتوقعها الشعب الكندى من حكومته.
وردًا على سؤال عن سبب عدم إبلاغ ترودو للمفوضة عن العطلة مسبقًا، أجاب أنه سوف يتم تناول تلك المسائل مع مفوضة الأخلاقيات، مؤكدًا أنه يعتقد أن تلك الأمور ستنتهى، كما أنه أكد على أنه اطلع على قانون تضارب المصالح.
ونقلت صحيفة "ناشيونال بوست" الكندية عن ترودو تصريحه بأنه يأخذ التحقيق معه على محمل الجد.
وأشار ترودو إلى أنه سعيد بأنه قضى وقتًا مع أسرته وصديق الطفولة.
وأوضحت "ناشيونال بوست" أن المفوضة داوسون تنظر فيما إذا ارتكب ترودو انتهاكين لقانون تضارب المصالح بحسب خطاب أرسلته وحصلت الصحيفة على نسخة منه، والتى قالت فيه إن هناك أسبابا لفتح التحقيق، أولًا لوجود تضارب مصالح محتملة فى قبول عطلة مجانية من آغا خان، مؤسس ومدير منظمة مسجلة كجماعة ضغط، وثانيًا بسبب احتمال انتهاك القانون فيما يخص حظر الوزراء من استخدام طائرات خاصة.
العقوبة لا تتخطى التوبيخ
وقد طالب كلٍ من رئيس الحزب الوطنى الديمقراطى "توماس مولكير" والناقد الأخلاقى "ألكسندر بوليريس" فى رسالة لداوسون بأن تستجيب بالتحقيق فى انتهاكات رئيس الوزراء، واصفين تطورات الأزمة بأنها "مثيرة للقلق بشدة" بحسب موقع هيئة الإذاعة الكندية.
ولكن حتى إذا أدين ترودو بانتهاك القواعد الأخلاقية فإن الحد الأقصى للعقوبة على هذه المخالفة لا تتعدى التوبيخ، بحسب القانون، على الرغم من أن وجود خرق للقانون من شأنه أن يوفر فرصة لأحزاب المعارضة لمسائلة رئيس الوزراء حول شفافيته وسلوكه الأخلاقى.
أين تضارب المصالح فى الأزمة؟
تلقت مؤسسة آغا خان أكثر من 47 مليون دولار من الحكومة الكندية العام الماضى.
كما أنها تلقت – من 2012 حتى 2017 - 75 مليون دولار من "جلوبال أفيرز كندا"، وهو قسم داخل الحكومة الكندية المنوط بإدارة العلاقات الدبلوماسية والقنصلية الكندية لتشجيع التجارة الدولية، وذلك لتكويل شراكة للنهوض بالتنمية البشرية فى أفريقيا وآسيا، وكذلك 40 مليون دولار فى الفترة من 2012 حتى 2015 لتحسين خدمات الصحة والأطفال فى أفغانستان، على حد قول موقع هيئة الإذاعة الكندية نقلًا عن سجلات جماعات الضغط بكندا.
وأسس آغا خان واحدة من أكبر وكالات التنمية فيى العالم "شبكة آغا خان للتنمية"، مكرسة لتعزيز التقدم فى المناطق النامية فى العالم.
وكان رئيس الوزراء السابق ستيفن هاربر قد منح آغا خان المواطنة الفخرية فى عام 2009. ولأسباب أمنية، فإن الوزراء ملزمون بالسفر باستخدام طائرة تشالنجر، وقام ترودو بتسديد ما يعادل تذاكر السفر من وإلى ناسو.
ترودو ليس الحالة الأولى من نوعها فى كندا
وبحسب المتحدث باسم داوسون، فإن التحقيق مع ترودو ليس التحقيق الأول فى أنشطة رئيس الوزراء فى كندا.
وأشار إلى أنه فى عام 2009، اشتكى نواب ليبراليين من أن رئيس الوزراء السابق ستيفن هاربر وعدد من الوزراء انتهكوا قانون تضارب المصالح عندما اشتركت الحكومة فى حملة إعلانية لخطة عمل اقتصادية.
فاز ترودو، رئيس الحزب الليبرالى الكندى، بأغلبية ساحقة في الانتخابات الفدرالية يوم 19 أكتوبر عام 2015، وأصبح رئيس وزراء البلاد وأدى اليمين الدستورية يوم 4 نوفمبر 2015
واتسمت قرارات ترودو منذ تسلمه منصبه بمناصرة الليبرالية، مستوحيًا من خلفية الحزب الذى يتزعمه، فأعلن اعتراضه على فرض حظر على ارتداء البوركينى فى كندا فى أغسطس 2016.
وكان ترودو قد وعد بزيادة الضرائب على أصحاب الدخل المرتفع بـ1% من الشعب الكندى لتحسين أحوال الطبقة الوسطى.
كما يعرف ترودو بموقفه المؤيد للصحفى المصرى الكندى محمد فهمى، على عكس سابقه هاربر، إذ كان يقضى فهمى عقوبة السجن لثلاث سنوات فى مصر بتهم متعلقة بالإرهاب، وكان ترودو داعمًا للعفو عنه، وهو ما حدث بعد أن أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى عفوًا عن فهمى فى عام 2015.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة