إن أصدق الدموع دموع الرجال لأنها نادرة، فندرتها سر صدقها وقوتها فى ضعفها..
من السهل أن تبكى الأنثى وهذا شىء ليس بجديد إذ لم يكن معتادا. ولكن عندما نجد رجلا يبكى فنختلف جمعياً فى نظرتنا لهذا الرجل. فأحدنا يرى دموعه على أنها تقلل من رجولته، والآخر يراها أنها ضعف، ولذا فصاحبها رجل ضعيف لا يصلح لأن يتحمل مسئولية، وقد يراها البعض على أنها ( دلع ) وأن صاحبها من المؤكد أنه لم يحظ بالتربية على يد رجل. ولكن نادراً ما نتعمق فى صدق هذه الدموع وقوتها.
إن من أكبر الأخطاء التى تحدث فى مجتمعاتنا العربية أننا نقوم بتربية الأطفال منذ الصغر على أن الدموع للأولاد ضعف، قائلين (عيب أنت ولد أنت راجل مينفعش تعيط)، ولو علم هؤلاء المربيون مدى فائدة هذه الدموع للصحة النفسية لهذا الولد لندموا على كل لحظة قالوا فيها هذه الجملة.. فالدموع تقوم بإخراج السموم من جسد الإنسان وكتمانها يؤدى إلى احتباس هذه السموم بالجسد وبالتالى حدوث مضاعفات تؤثر على صحة الجسد بالسلب. إذن فهذا جسم الإنسان الذى خلقه الله والذى لم يفرق فى هذا الأمر بين الذكر والأنثى.
وبالرغم من كل ما سبق فعلينا أن نتأكد جميعاً بأن فى مجتمعاتنا العربية بالتحديد إن وجدنا رجلا يبكى فهو بالفعل فى قمة شعوره بالعجز ولذا فهو يستحق الاهتمام به فى هذه اللحظة وليس السخرية أو الاتهام أو الإهمال، لأن من المؤكد أنه يعلم أن ببكائه لن ينال من المجتمع سوى ما لا يرضيه، ولذا فالأمر الذى جعله يبكى هو أقوى من سيطرة عقله على التحكم بمشاعره. وفى هذا الزمان إن وجدنا مجالا للأحاسيس فنحن وجدنا مجالا للقوة والصدق.
عزيزى القارئ أعرف أنك من الممكن ألا تستكمل قراءة هذا المقال، ولكن إن استكملته فيعنينى أن أقول لك أننى لا أدعوك للبكاء أو التعبير عن أحاسيسك فى كل الأوقات. ولكننى أدعوك ألا تعاند فطرتك التى خلقك الله عليها ولا تتباهى بأنك لا تبكى ولا يخونك تعبيرك بأن البكاء ضعف.. وتأكد بأن الكتمان من أخطر العوامل المضرة لصحتنا النفسية.. وإن أردت أن تبحث عن الرجولة والقوة فاعلم أن الرجولة أرقى بكثير من أن تقلل منها الدموع.
الرجولة فى احتواء المرأة، احترام الآخر الوفاء بالوعد، صلة الأرحام، احترام الكبير...... الخ من المعانى التى تحتاج لجرائد وليس مقال للإلمام بها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة