انتخابات تكاد تكون باردة فى ظاهرها، لكن يوم تلو الأخر ترتفع سخونة الانتخابات الرئاسية فى إيران المزمع إجراؤها 19 مايو المقبل، وكما تعود المراقبين ألا تخلو السياسة الإيرانية من المفاجآت، ومع اقترابها يدور النقاش فى الداخل الإيرانى حول حدث سيكون الأول من نوعه فى تاريخ السياسة الإيرانية منذ الثورة الإسلامية 1979، وهو خوض امرأة للانتخابات الرئاسية، فى مجتمع اعتاد العالم أن يقرأ عن مطالبات نساءه بحقوقها.
ومع تأكيد المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور في إيران، عباس علي كدخدائي، إنه "لا مانع من ترشح النساء للانتخابات الرئاسية في البلاد، والمجلس لا يعارض تسجيل النساء في الانتخابات الرئاسية"، ترتفع التوقعات حول أن يكون منافس روحانى إمرأة، لا سيما مع ظهور تقارير اعلامية تلوح بأن هذه المرشحة ستكون إحدى المسئولين السابقين وتولت مناصب وحقائب وزارية، وهى "مرضية وحيد دستجردى" المتحدثة باسم جبهة الكوادر الشعبية للثورة الإسلامية، والوزيرة السابقة فى حكومة أحمدى نجاد الرئيس السابق.
تبلغ مرضيه من العمر 57 عاما وهى أستاذة جامعية وعضو فى البرلمان الإيرانى السابق، كما شغلت فى سبتمبر من عام 2009 منصب وزيرة الصحة والتعليم الطبى، فى الولاية الثانية للرئيس المتشدد أحمدى نجاد، لتكون أول وزيرة فى إيران منذ الإطاحة بنظام الشاه محمد رضا بهلوى، وثالث وزيرة فى تاريخ إيران، وتم تعينها فى إبريل العام الماضى بمنصب مستشار رئيس السلطة القضائية لتكون أول امرأة تتقلد هذا المنصب منذ قيام الثورة الإيرانية الإسلامية عام 1979، وقدمت دستجردى استقالتها من المنصب فى 27 ديسمبر من عام 2012.
ومع حسم التيار الإصلاحى أمره من مساندة روحانى فى الانتخابات، لا يزال التيار المحافظ فى طور المباحثات مع كوادر وأحزابه رغم اعلان بعض فصائله لأسماء مرشحين بعينهم من بينهم، "سيد مصطفى ميرسليم" مرشح حزب "مؤتلفة" الإسلامى، والنائب محمد مهدى زاهدى، الذى ينتمى للتيار المحافظ، لكن رسميا لم يعلن هذا التيار مرشحيه النهائيين، فيما يبدو أنه يعد لإستراتيجية جديدة أمام منافسه المعتدل.
استراتيجية التيار المحافظ
وتشير تقاير اعلامية من طهران أن استراتيجية المعسكر المحافظ فى الانتخابات المقبلة أمام الخصم ستكون على محورين أولهما، تعدد المرشحين كى يتمكنوا من رمى سهامهم وإستهداف روحانى وسياساته خلال المناظرات التلفزيونية، والثانى هو خفض الأصوات فى سلة روحانى من خلال الاحتفاظ بمرشح واحد حتى يوم الاقتراع يكون قادر على قلب معادلة الانتخابات، لأن التيار الأصولى يرى أنه كلما انخفضت الكثافة الصوتية فى صناديق الاقتراع لروحانى سيكون لهم فرصة أكبر لاستعراض عضلاتهم خلال السنوات الأربعة المقبلة أمامه.
التيار المحافظ يستغل المرأة كأداة فى الصراع مع الاصلاحيين
وبالعودة إلى النقاش الدائر حول تقديم التيار المحافظ امرأة كمرشحة له، تشير التقارير الإعلامية أن التيار الأصولى يستغل المرأة كآداة لتحقيق أهداف حزبية، رغم أن التيار المحافظ فى إيران قليلا ما يهتم بمناقشة أوضاع المرأة وحقوقها ومشاكلها، وهو ما يدعو للتساؤل حول كيفية دعمه لمرضية فى الانتخابات.
وعرفت مرضية بأنها أول من طرح فكرة الفصل بين الجنسين فى المستشفيات وقت كانت وزيرة للصحة، وعارضت انضمام إيران لاتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة واعتبرتها مشروع يرمز "للنسوية" (فيمينيسم)، كما أن سلوكها لم يكن مماثل لسلوك سيدات التيار المحافظ المناهض للمرأة، وحققت مرضية شعبية عندما اختلفت مع الرئيس أحمدى نجاد، بسبب صراحتها وما لبثت أن انفصلت عن حكومته فى 2012، بعد انتقادها تقاعس مسئولين عن توفير اموال لاستيراد أدويه حيوية فأقالها نجاد.
هل تحطم المرأة الإيرانية التابوهات
من ناحية أخرى يرى المراقبين أن مرضية، سواء كانت تنتمى للتيار الصلاحى أو المحافظ أو مفكرة أو ذو فكر متحجر فأنها قادرة على أن تحطيم التابوهات، وقادرة على جذب جزء كبير من المجتمع، وتقول بروانه سلحشور رئيسة لجنة المرأة فى البرلمان الإيرانى وهى من الشخصيات الإصلاحية ايضا، "لا فرق بيالنسبة لى بين امرأة أصولية أو اصلاحية، أنا ارحب بأى شخص يعزز من مكانة المرأة الإيرانية، دستجردى ستكون منافس جيد لروحانى".
وتقول تقارير صحفية أن مرضية لا تمتلك كاريزما إلا أنه بغض النظر عن كونها امرأة معروفة تمتلك تاريخ سياسى وتنفيذى من الممكن أن تكون مؤثرة جدا، ويرى مراقبون أن خوضها الانتخابات سؤدى إلى انخفاض أصوات روحانى نظرا لأن الشعب الإيرانى يشارك فى الانتخابات بعاطفته، ومشاركة امرأة حتى لو كانت أصولية فى انتخابات الرئاسية من الممكن تحقق إثارة لدى جزء كبيرا من الجماهير الإيرانية وسيمنحوها أصواتهم وسيترتب على ذلك انخفاض الكثافة الصوتية لروحانى.
وتقول صحيفة افتاب يزد الإيرانية أن التيار الأصولى يعرف جيدا أن دستجردى لن تكون رئيس للجمهورية، لكنها ستكون آداة لخفض أصوات روحانى، وتجذب أصوات شريحة كبيرة فى المجتمع إليها ما سيؤدى إلى انخفاض نسب التصويت لروحانى، كما أن فريقا أخر يرى أن مشاركة المرأة فى التنافس الرئاسى يعد تحطيم للتابوهات رغم أن التيار الاصولى لا يكترث كثيرا بحقوق المرأة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة