كانت دعوة شراء الأمريكى وتوظيف الأمريكى، أهم شعارات الرئيس دونالد ترامب، ومؤيديه أثناء الحملة الانتخابية، وفى خطاب التنصيب 20 يناير 2017. المفارقة أن الصور والفيديوهات، كشفت عن أن مؤيدى ترامب كانوا يرتدون قبعات بيسبول حمراء عليها شعار «لنجعل أمريكا عظيمة» مصنوعة فى الصين وفيتنام وبنجلاديش، وغيرها من الدول التى توطنت فيها الصناعة والاستثمارات العالمية والأمريكية.
الصور تعبر عن صعوبة تطبيق شعارات حملة ترامب، الذى يدعو إلى إعادة الصناعات الأمريكية، ويهدد بفرض إجراءات لحماية الصناعة الأمريكية تجاه الصين وألمانيا، بل ويطلب إعادة الأموال الأمريكية.
ترامب يتحدث عن إجراءات حمائية للصناعة الأمريكية، بما يعنى فرض رسوم وضرائب على المستورد، ظاهريًا يداعب الداخل بوعود توفير فرص عمل للأمريكيين، لكنه بذلك يواجه تيار العولمة المستقر من التسعينيات. والذى ساهمت أمريكا والدول الصناعية الكبرى فى صنعه. وبموجبه تحول العالم كله إلى سوق.
ترامب يقود الولايات المتحدة أكبر اقتصاد فى العالم، لكنه ليس مطلق اليد، فهو يواجه مصالح رجال أعمال أمريكيين، ومصالح دول مثل الصين، وألمانيا. الأمريكيون يستثمرون فى دول ذات العمالة الأرخص، والشروط الأقل فى قوانين العمل، مثل المكسيك وفيتنام، ونقل صناعاتهم إلى أمريكا يعنى رفع تكاليف الإنتاج وأرباح أقل، ويخسرون مقابل كل فرصة عمل فى أمريكا، وبالتالى يقاومون.
ترامب يهدد بفرض %45 ضرائب حمائية على البضائع الصينية، وأيضًا يتحدث عن السيارات الألمانية واليابانية. هذه الدول ترفض ذلك، كما أن مفارقة «القبعات المصنوعة فى الصين» لحملة أمريكا العظيمة، تبدو ردًا واضحًا، يؤكد استحالة تغيير قواعد استقرت من عقود.
فى منتدى دافوس بسويسرا، كان الكبار يردون على تصريحات ترامب، ويرفضون سياساته الحمائية، ترامب يتحدث كرأسمالى مستقل، لكن السياسة لها أفعالها. الرئيس الصينى شى جين بينج، أول رئيس صينى يعتلى منبر دافوس منذ تأسيسه فى 1971، وجه كلمته ردًا على تصريحات ترامب، والرغبة فى الانغلاق والحماية، وقال «لا أحد سيخرج منتصرًا من حرب تجارية، يجب أن نبقى متمسكين بتطوير التبادل الحر والاستثمارات خارج الحدود الوطنية. وشبه «الحماية التجارية» التى وعد ترامب بفرضها على الصادرات الصينية بأنها مثل أن يحبس الإنسان نفسه فى غرفة مظلمة، ليحميها من الخطر، وهو فى الواقع يحرم نفسه من الضوء والهواء».
واضح أن رئيس الصين كان يعى واقع القبعات الصينية التى يمكنها أن تصل إلى أكثر الشعارات الأمريكية عمقًا.