الرئيس يهنئ الأقباط بالعيد فى الكاتدرائية.. وآخرون يرفضون فتح الكنائس المغلقة للأقباط للصلاة
فوجئ الرأى العام بحفظ قضية السيدة سعاد ثابت، سيدة الكرم، رغم أن الرئيس عبدالفتاح السيسى قد تقدم باعتذار للسيدة سعاد أثناء افتتاح قرية الأسمرات بالقول: «أرجو إنك متاخديش على خاطرك مننا، لا هى ولا كل سيدات مصر من اللى حصل ده، وأرجو أنكم تبقوا متأكدين أننا نكن لكم كل التقدير والاحترام ولا نقبل أن يكشف سترنا لأى سبب من الأسباب».
هذه الخطوة من الرئيس جعلت الخبراء القانونيين يندهشون كون السياق القانونى والتحريات كانت تؤكد وقوع واقعة التعرى، وإلا ما كان الرئيس تعرض للقضية، ولا يخفون وسط دهشتهم الإعراب عن استغرابهم من التناقض بين موقف الرئيس السيسى كرئيس متحضر ومحترم وممارساته المتسامحة، وبين ممارسات بعض مؤسسات الدولة البعيدة عن التسامح، الرئيس يعتذر للسيدة سعاد ويأمر بمعاقبة الجناة فيقوم البعض من الأجهزة تحت ضغوط من نواب ومراكز قوى قانونية وأمنية بالقبض على بعض اقارب شهود الإثبات كمتهمين فى وقائع حرق بيوت الأقباط! الأمر الذى أدى إلى تراجع بعض شهود الإثبات عن شهادتهم لطمس الأدلة، الأمر الذى أدى إلى حفظ النيابة العامة للقضية، ذلك الذى جعل السيدة سعاد ثابت تخرج عن صمتها وتصرخ: «ياريس أنا بستغيث بك إنك تجيب حقى اللى ضاع ازاى يحفظوا قضيتى وأنا اتعريت واتبهدلت أمام كل الناس وطلعت أجرى فى الشارع عريانة، وفى الآخر حقى ضاع، ياريس أنت اللى هتجيب حقى، ده ميرضكش أبدا، دى بلدنا، هل نمشى ياريس ونسيب بلدنا؟ وإحنا عايشين فى ظلم بعد حرق بيوتنا وتعريتنا وإحنا مش عارفين نعيش فيها».
نفس التناقض حدث فى ليلة عيد الميلاد، زار الرئيس السيسى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية وهنأ الاقباط بعيدهم ووعد ببناء كاتدرائية جديدة فى العاصمة الجديدة وتبرع لذلك، وأضاف قائلا: «وأنتهز تلك الفرصة وأقول يارب أنا هنا فى بيت من بيوت الله، احفظ مصر وأمن مصر، ويارب الاستقرار لمصر وبلادنا، ويارب اغنينا بفضلك عن سواك»، فى سابقة لم تحدث من رئيس أو ملك مصرى من قبل.
الرئيس المتسامح المتحضر يهنئ الأقباط بالعيد فى الكاتدرائية ويتبرع لبناء كاتدرائية فى العاصمة الجديدة، ويقوم بعض أجهزة الأمن بعدم فتح الكنائس المغلقة أمنيا للأقباط للصلاة مما دعاهم للصلاة، على سبيل المثال، فى خيمة بقرية الإسماعيلية بمركز المنيا، وعدم الصلاة فى قرية اللوفى بسمالوط، وفى قرية حجازة بقنا اضطروا للصلاة على أطلال الكنيسة المحترقة التى لم تبن حتى الآن لتعنت السلفيين وصمت بعض أجهزة الأمن!
على الجانب الآخر، وفى الوقت الذى تتحرك فيه دوائر قانونية وسياسية وحقوقية للدفاع والتضامن مع الست سعاد ثابت، يحاول بعض الفاشلين تحويل القضية من قضية مصرية نسوية وطنية أهدرت فيها كرامة سيدة فاضلة إلى قضية «طائفية»، وإثارة نعرات دينية للشهرة وتحقيق مكاسب إعلامية ومادية رخيصة.
إننى أهيب بكل المنظمات الحقوقية، المجلس القومى لحقوق الإنسان، والمجلس القومى للمرأة، والنقابات المهنية خاصة المحامين والصحفيين، ورؤساء تحرير الصحف، ورؤساء القنوات الفضائية، والأحزاب السياسية، وكل من يهمهم الأمر، تشكيل اللجنة القومية للدفاع عن كرامة الست سعاد ثابت وتبنى قضيتها بعيدا عن «الطائفيين» من أصحاب «السبوبة»، والمتواطئين مع دوائر «مشبوهة» لا يهمها مصلحة السيدة سعاد ولا مصلحة الأقباط ولا الوطن، كما استغلوا من قبل عدة قضايا لمواطنين أقباط وروجوها عبر وسائل الإعلام بصبغة غير وطنية، الأمر الذى أدى إلى ضياع حقوق هؤلاء الضحايا وتأجيج الفتن.
هكذا تتحرك دوائر متعصبة فى القرى وبين بعض صغار المسؤولين فى القرى والنجوع، متحالفة من العصبيات القبلية وبقايا الإقطاع الدينى والسياسى، المتواطئة مع الجهل وثقافة الكراهية، والمتشابكة المصالح، فهم يطلقون اللحى ويعتلون المنابر بعيدا عن وسطية الأزهر، ويعملون مرشدين لبعض صغار الضباط، وفى نفس الوقت يشكلون طبقة جديدة فى القرى والنجوع تتخطى القانون وتضع مكانه «القضاء العرفى»، ويرفضون نهارا جهارا بناء الكنائس، مثلما يحدث فى قرية اللوفى، وللأسف يتفاوض معهم المحافظ ومدير الأمن ومسؤولو الأمن، هكذا يتكون التناقض بين دولة الرئيس ودولة المرؤوسين.