طارق الخولى

25 يناير.. بين الثورة والمؤامرة «3»

الإثنين، 23 يناير 2017 11:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

 - انحياز الجيش للشعب فى ثورة يناير يحبط ادعاءات البعض بكونها مؤامرة

مع الذكرى السادسة لثورة 25 يناير، تبرز هذه العلاقة التى احتار فيها الكثيرون، كيف يحب جيش شعبه حتى الفناء فى سبيل حمايته؟ وكيف يثق شعب فى جيشه إلى هذا الحد، فيهرول إليه عند كل محنة أو منعطف مصيرى، ليشعر بالسكينة والاطمئنان على حماية قراره؟ كيف لا، وقد بنيت عقيدة الجيش عبر مئات بل آلاف السنين على أن انحيازاته ومكانه بجانب الشعب؟ الشعب فقط.. فمصدر القوة الحقيقية للدولة المصرية، والتى تقف حائلًا أمام الأعداء فى اختراقها والنيل منها تكمن فى علاقة الانصهار بين الشعب والجيش، والتى مردها، فى اعتقادى، أن هذا الجيش بنى بلبنات وطنية دون قشور الطبقية، والعنصرية، والمذهبية، فلا نجد على غرار جيوش كثيرة، أن قادة الجيش ممن ينتمون إلى عائلة حاكمة، أو طبقة اجتماعية معينة، أو من ذوات أجناس أو أعراق بعينها، أو من معتنقى ديانة محددة، فأبناء الجيش مصريون فحسب، بلا أى إضافة أو تميز، فمنذ الثورة العرابية، مرورًا بثورة 23 يوليو، حتى ثورتى 25 يناير و30 يونيو، وبرغم التغيرات الكبيرة عبر الأزمان والحقب التاريخية المتباعدة لهذه الثورات، فإن لسان الحال فى كل مرة ظل واحدًا.. «الشعب والجيش إيد واحدة»، فلا يمكن الارتكان فى تفسير هذا الأمر إلى مجرد اكتساب الأفكار، أو تواتر المعتقدات الوطنية، بل التوارث الجينى لهذه العلاقة عبر أجيال المصريين.
 
الثورات تبرز عمق العلاقات بين الأطراف، وتكشف عن معادن الأشخاص والجماعات، فالثورة لحظة انحياز كبرى لا تقبل المواربة الوطنية، ولا الميوعة السياسية، ولا المواءمات الحزبية، ولا الأطماع الشخصية.. هكذا كانت ثورة 23 يوليو، ومن بعدها كانت ثورتى 25 يناير و30 يونيو.   فمع تقويم يوم 25 يوليو يتوالى على الأذهان زحام الكثير من الأحداث المفصلية، وتوابع ثوراتنا، وأوجه تشابه مواقف بعض الأطراف من هذه الثورات إلى الحد الذى يصل أحيانًا للتطابق،  ففى 26 يوليو 1956 زلزل الرئيس جمال عبدالناصر العالم، بقرار تأميم قناة السويس، وقبلها بأربعة أعوام فى 26 يوليو 1952 أُرغم الملك فاروق على التنازل عن العرش، ورحل من الإسكندرية على يخت المحروسة لمنفاه فى إيطاليا.. فبعكس ثورتى 25 يناير و30 يونيو، تحرك الجيش بداية فى فجر 23 يوليو 1952 ليسانده الشعب، ويبارك هبته، ويمنح حركته الشرعية الثورية، لتشهد مصر شهورًا من التوتر حول ملامح المستقبل، وشكل النظام السياسى، فدار صراع بين الأحزاب والقوى القديمة، فى مواجهة مجلس قيادة الثورة، وبين محمد نجيب وعبد الناصر، وكانت جماعة الإخوان طرفًا رئيسيًا فى الأحداث..
فكعادة الجماعة، بدأت مراحل نفاقها، فسطوتها، فإجرامها.. ففى المرحلة الأولى سوفت فى الانحياز للثورة، فأصدرت بيانًا بتأييدها فى يوم 27 يوليو 1952، أى بعد التأكد من رحيل فاروق، وانتصار الثورة، كما فعلت فى 28 يناير 2011 عندما زحفت على الميدان بعد بزوغ بوادر نجاح الثورة، لتبدأ فى المرحلة الثانية، وهى محاولات القفز على الثورة، ومن ثم الحكم، أيضًا، كما فعلوا مع ثورة 25 يناير، لكنهم فشلوا فى مخططاتهم فانقلبوا على ثورة 23 يوليو، ونعتوها بالانقلاب، كما وصفوا ثورة 30 يونيو التى أطاحت بهم، فحينها وصلت الجماعة للمرحلة الأخيرة.. الصدام.. إما الحكم أو الانتقام والفوضى.. فأقدموا على محاولة اغتيال عبد الناصر عام 1954 بميدان المنشية، كما فعلوا بعد إزاحتهم فى 30 يونيو 2013 من محاولات لإرهاب الشعب المصرى، ليفوض المصريون عبدالناصر لمواجهتهم، كما فوضنا السيسى فى 26 يوليو 2013.
 
خلاصة القول بأن ثورة يناير كانت القوات المسلحة كعادتها هى عامل الحسم فى نجاحها ككل الثورات المصرية، وأن انحياز الجيش للشعب فى ثورة يناير يحبط ادعاءات البعض بكونها مؤامرة، لأنه من غير المتصور انحياز الجيش لمؤامرة، ولكن التصدى للسطو على يناير من قبل الإخوان جاء بثورة يونيو المجيدة، ودعونا نؤكد على أن آخر نوط عسكرى قد حصل عليه الرئيس السيسى قبل مغادرة الجيش، هو نجمة 25 يناير.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة