"ارحم يا رب نفوسهم جميعًا، فى أحضان آبائنا القديسين، إبراهيم وإسحق ويعقوب، علّهم جميعًا فى موضع خضرة على ماء الراحة فى فردوس النعيم، الموضع الذى هرب منه الحزن والكآبة والتنهد فى نور قديسيك"، هكذا صلى البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، اليوم الاثنين، فى ذكرى الأربعين على ارتقاء أرواح شهداء الكنيسة البطرسية، الذين استهدفهم انتحارى بحزام ناسف خلال قداس الأحد فى الأيام الأولى من ديسمبر الماضى.
خلال إحياء ذكرى الأربعين، صلى البابا "أوشية الراقدين"، التى تُقرأ على الأموات فى الكنيسة الأرثوذكسية، قبل أن يرفع القداس الإلهى بحضور أسر الشهداء ومئات من شعب الكنيسة البطرسية التى اكتظت عن آخرها بالمصلين، وذكر البابا أسماء شهداء الكنيسة الثمانية والعشرين على مذبح الصلاة، وصاحب ترتيل أسمائهم الدعاء والذكرى العطرة من الأرض إلى السماء، قبل أن يلقى عظة القداس، التى أكد فيها أن الحادث لم يكن موجها ضد الكنيسة فقط، بل ضد مصر كلها، موجّها الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسى، وكل المسؤولين، على تعازيهم للكنيسة.
البابا تواضروس يشكر الرئيس والمسؤولين وشعب مصر على التكاتف والدعم
وشكر البابا تواضروس، جموع المصريين الذين قدموا تعازيهم فى ضحايا الحادث وكذلك المسؤولين فى كل قطاعات الدولة، وفى مقدمتهم الرئيس السيسى وكل الوزراء ومسؤولى المحليات، مؤكدًا أن الآلام تجمعنا وتقوينا، حتى أن التفجير لم يكن موجهًا للكنيسة، بل كان مستهدفًا لمصر كلها.
وأعرب البابا خلال عظته، عن تقديره لما وصفه بالمشاعر الفياضة التى شعر بها فى كل بيت مصرى بعد الحادث، مجدّدًا شكره للسفراء والمسؤولين الأجانب الذين جاءوا إلى مصر للتعزية فى شهداء الحدث، متابعًا: "نجتمع فى هذا الصباح، فى تذكار الأربعين يومًا على انتقال شهداء هذه الكنيسة المباركة والمقدسة، واجتماعنا ليس لاجترار الأحزان وتذكر الألم، ولكن لنمجد اسم الله ونرفعه عاليًا، ونرفع قلوبنا للسماء".
بابا الإسكندرية: الله اختار هذه النفوس لأنها أكملت جهادها على الأرض
وأضاف البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، فى عظته بالكنيسة البطرسية: "هؤلاء الأحباء الذين سبقوا إلى السماء، إنما قدموا لنا برحيلهم واستشهادهم بركات كثيرة، ومن أبرزها أن القلوب ترتفع دائمًا إلى السماء، فنحن فى مسيرة حياتنا على الأرض قد ننشغل بين وقت وآخر بأمور هذه الأرض، أما هؤلاء فعندما ذهبوا إلى السماء ذهبت قلوبنا معهم، ورفعت عيوننا إليهم، فنحن على الأرض ننتظر أن تكتمل مسيرة حياتنا لكى نلحقهم وتكون السماء لنا مسكنًا مع القديسين".
وتابع البابا: "نحتفل هذا الشهر بتذكارات شهداء الكنيسة منذ القرن الأول الميلادى، وفى هذا الزمان نجد أننا ما زلنا نقدم شهداء، إنما هى رحلة طويلة بدأت منذ قرون، ويعلّمنا هؤلاء الشهداء ضرورة الاستعداد، وأن تكون مستعدّا كل يوم للانتقال إلى السماء".
واختتم البابا تواضروس عظته بالقول: "الله اختار هذه النفوس لأنها أكملت جهادها على الأرض، ويعلّمنا دروسًا جديدة، وتكتب صفحة جديدة فى تاريخ كنيستنا وبلادنا، وتكتب بدماء الشهداء فى هذا الزمان".
وبعد انتهاء مراسم القداس، بطقس التناول، وهو أحد الأسرار السبعة المقدسة للكنيسة، اصطحب البابا أسر الشهداء للإفطار حول مائدة "الأغابى"، التى أعدتها الكنيسة لهم بدعوات خاصة، إذ حملت كل أسرة صورة شهيدها فى بطاقة على صدرها، تمكنها من حضور الإفطار مع البابا تواضروس والآباء الأساقفة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة