لم أعرفه عن قرب، ولم أقابله إلا مرتين أو ثلاثة، أثناء انعقاد مؤتمر الشباب، فى شرم الشيخ أواخر العام الماضى، لكنى أستطيع أن أقول وأنا مطمئن القلب والضمير، إنه من أفضل الكوادر فى حكومة المهندس شريف إسماعيل، فبجانب تمتع الدكتور «خالد العنانى» وزير الآثار، بسمعة علمية طيبة، فقد أثبت خلال فترة توليه مسؤولية وزارة الآثار، أن الشباب قادرون على القيادة، وأن الدماء الجديدة جديرة بأن توضع محل الرهان، فقد رأينا لأول مرة منذ إنشاء وزارة الآثار أفكارًا جديدة، ورأينا أحدًا مهتمًا بأن تصبح الآثار مادة جذب للمجتمع، ورأينا خطًا واضحًا للتجديد الصريح ولتحديث منظومة العمل داخل الوزارة، لهذا كله فقد حزنت كثيرًا حينما سمعت أن اسم الدكتور خالد العنانى، مطروحًا للتغيير فى التعديل الوزارى المرتقب، وقلت مندهشًا: لماذا تفرط مصر فى كوادرها الجيدة، فى حين أن العثور على كادر جيد على درجة «معقولة» من الكفاءة أصبح أمرًا فى غاية الصعوبة؟
لهذا كله، أؤكد أن خسارة الدكتور خالد العنانى فى هذا الموقع أمر بالنسبة لى سيبدو «عجيبًا»، وقد سمعت أن طرح اسم «العنانى» فى بورصة التغييرات فى وزارة الآثار لم يأتِ لتقصير أو عدم رضا، ولكنه أتى لأن هناك اتجاهًا لضم «الآثار» مرة أخرى إلى وزارة من الوزارات الأخرى، وبرز فى التخمينات اسم وزارة الثقافة أو وزارة السياحة، ومن بعيد جاء احتمال أن يتم اعتبار الآثار «مجلس أعلى» مستقل عن الوزارات، وهو أمر أيضًا أثار حفيظتى، فرجوع «الآثار» إلى «الثقافة» بالنسبة لى أمر بدهى، لأن فصل «الآثار» عن «الثقافة» أصاب القطاعين فى مقتل، وجعل الآثار فى عزلة عن الوعى الثقافى العام، كما أسهم فى تعطيل العديد من المشاريع الثقافية الواعية، وفكرة ضم هذا القطاع الثقافى إلى وزارة السياحة أعتبرها فكرة فاشلة ومهينة فى ذات الوقت، فلا يجوز بأى حال من الأحوال أن تصبح الكلمة الأخيرة فى الآثار فى يد من لا يعرفونها ولا يقدرونها ولا يتعاملون معها إلا باعتبارها أداة من أدوات جلب المال فحسب، ولهذا فإن كان لى حق الاقتراح، فأقترح على أصحاب القرار أن يعيدوا «الآثار» إلى «الثقافة»، على أن يتمتع أمين عام المجلس الأعلى للآثار بالاستقلالية التامة، تمامًا مثل أكاديمية الفنون التى تتبع وزارة الثقافة من الناحية الإدارية والسياسية، لكن رئيس الدولة هو الذى يعين رئيسها بقرار جمهورى له قوة القانون.
اللهم فاشهد.