تبادل الحاضرون التهانى بعد أن وقع أحمد زيور باشا، رئيس الحكومة المصرية، على اتفاقية تنازل حكومته عن «واحة جغبوب» فى الساعة الثامنة والعشرين دقيقة يوم 6 ديسمبر 1925 لليبيا، وتم التوقيع مع ممثل الجانب الإيطالى لأن ليبيا كانت تحت الاحتلال الإيطالى، ويصف أحمد شفيق باشا فى مؤلفه «حوليات مصر السياسية» حالة الأطراف المشاركة أثناء التوقيع، أو خلال اليوم الذى تم فيه «فالسكرتير الأول لدار المندوب السامى البريطانى دخل لدقائق، ثم خرج ليبلغ المندوب السامى بالنتيجة، وخرج المندوبان الإيطاليان يطفح وجههما بشرا وسرورا، وصرح رئيسهما لمندوب جريدة السياسة: إننا مغتطبون بالنتيجة فقد جاءت خير حل بين الطرفين وهذه نتيجة مرضية لنا ولكم».
قبل بدء مراسم التوقيع وقعت مشكلة لم تخطر على البال، يرويها محسن محمد فى كتابه سرقة واحة مصرية: أصر الإيطاليون على تنفيذ الاتفاقية عقب توقيعها مباشرة دون انتظار لتصديق البرلمان المصرى، كما ينص الدستور، وقدموا نصا بذلك وطالبوا بأن يكون فى الاتفاقية، لكن مجلس الوزراء المصرى رفض بالإجماع، وأصر على أن يحصل على تأكيد من إيطاليا بأنها لن تنفذ الاتفاقية إلا بعد تصديق البرلمان عليها.
تدخل المندوب السامى البريطانى «جورج لويد» لتذليل هذه المشكلة المفاجئة، وهو ما يؤكد رغبة بريطانيا كدولة احتلال لمصر فى إبرام الاتفاقية من أجل مصالحها الخاصة، وفى رسالة كتبها «لويد» إلى حكومته فى لندن قال: «لم يكن زيور باشا قادرا على التأثير على أعضاء حكومته، وكان يجلس منهارا ويشعر بالارتباك» ويضيف: أرسلت فى طلب المفاوضين الإيطاليين مرة أخرى قبل العشاء، وقالوا إنهم قابلوا رئيس الوزراء، وإنه استعاد توازنه بصورة كبيرة، وعلى أية حال ولأكون فى جانب الأمان قمت باستدعاء على ماهر باشا، وزير المعارف، الذى كان أكثر الوزراء تشددا، وكانت مشاعره قد هدأت أيضا، وأعرب عن استعداده للتوصل إلى صيغة تسمح بالتنفيذ الفورى لحين تصديق البرلمان المصرى على المعاهدة.
رفض زيور باشا توزيع الاتفاقية على الصحف المصرية بدعوى أنها باللغة الفرنسية، وتحتاج وقتا فى ترجمتها، وفى 8 ديسمبر أقام مأدبة غداء فى نادى محمد على للمشاركين، وحسب محسن محمد: تبين بعد توقيع الاتفاق أن إيطاليا لم تكن تتوقع استسلام مصر فى جغبوب بهذه السهولة، وأنها استدعت للقتال بألفى رجل ومدافع ومدرعات كانت مستعدة لأن تزحف لاحتلال «جغبوب».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة