لماذا لا يشعر المرتشون بالملل أو الخوف؟. آخر عنقود الفساد، مستشار وزير المالية للضرائب العقارية، الذى سقط فى أيدى الرقابة الإدارية، متلبسا بالحصول على مليون جنيه مقدم رشوة من أصل 4 ملايين جنيه، مقابل منح صاحب شركة مقاولات أرض قرية سياحية، يضيع على الدولة 500 مليون جنيه، كم أرضا تم اللعب فى أوراقها، وضاع من مال الشعب مئات الملايين؟
فى القليوبية خلال أقل من شهر تم ضبط قضيتى رشوة وتلاعب وتزوير لأوراق أراضٍ بأكثر من 250 مليون جنيه، وفى بنى سويف تلاعب فى أوراق بملايين، رشوة مستشار وزير الصحة مليون جنيه لتسهيل تركيب جهاز زرع نخاع فى معهد ناصر بـ4 ملايين.
كل قضية للرقابة الإدارية يحصل المرتشى على مليون ليحصل الراشى على ملايين وتخسر الدول ملايين، رشوة موظف المشتريات، والتلاعب الجمركى فى سفاجا بـ3.5 مليون جنيه.
واضح أن تكرار القبض على فاسدين لا يمثل رادعا للفاسد والمرتشى، إما أن الفاسد لا يقرأ الصحف والأخبار، ويعرف بسقوط زملائه، أو أنه يعرف ويتصور نفسه حالة خاصة، أو أنه لا يشعر بخوف من ردع أو قانون. ومع النشاط الكبير للرقابة الإدارية، والأموال العامة، يظل الفساد بحاجة إلى فهم، هناك ثغرات وأبواب مواربة ومفتوحة، يدخل منها الفساد، والتكرار فى الرشوة والتلاعب، يعنى أن هذه الأبواب بحاجة إلى أقفال، مع ملاحظة أن قضايا الرشوة التى يتم ضبطها تتم ليحصل الراشى على ما ليس حقه.
فما بالنا بنوع من الرشوة يدفعه المواطن ليحصل على حقه، فى أماكن كثيرة ومعروفة، يصعب الإمساك بها أو ضبطها، نوع من الفساد ينتشر ويتوغل ويتشارك فيه كثيرون، والفاسدون يعيشون بين الناس، ويشاركونهم حياتهم، ويبدو أحيانا باتفاق عام.
نحن نتحدث عن ما يقرب من نصف مليار تم ضبطها خلال شهور، فما بالنا بما لم يتم ضبطه، وما يجرى فى التوريدات والثغرات والأبواب والمال السائب الذى يعلم السرقة ويشجع عليها! لسنا دولة ثرية لكن الفساد يأكل أغلب الموازنة، ويبدو أحيانا عصيا على المقاومة.
الأمر بحاجة لإعادة نظر فى النظام الإدارى، والذى يبدو أنه يمتلئ بالثغرات، ويحتاج إلى نظام جديد يغلق الأبواب التى يأتى منها الريح والفساد، ومهما كان جهد الرقابة الإدارية والأموال العامة، فمن المؤكد أن نسبة كبيرة من الفساد تمر، وهو ما يتطلب دراسة للقضايا الكبرى، للتعرف عن الأبواب وإغلاقها، خاصة أننا أمام مرتشين لا يشعرون بالملل، أو الخوف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة