رحب الشيخ خالد الجندى أحد علماء الأزهر الشريف بتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى لشيخ الأزهر التى طالب فيها بعدم وقوع الطلاق إلا أمام مأذون شرعى بعدما وصلت نسب الطلاق إلى 40% فى آخر خمس سنوات حسب إحصائيات الجهاز المركزى للإحصاء.
وافقت تصريحات الرئيس الدعوى القضائية التى أقامها كل من الدكتور سعد هلالى أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر والشيخ خالد الجندى ضد رئيس الوزراء ووزير العدل وشيخ الأزهر لمطالبة مؤسسات الدولة بإصدار قانون يمنع وقوع الطلاق الشفوى، وذلك للحفاظ على الأسرة.
وتعقيبًا على ذلك قال الجندى: لم يكن لنا أى مصالح شخصية فى التمسك بالأمر غير بناتنا ونسائنا وأخواتنا فقط، حماية للمرأة وترابط المجتمع وحماية لأجيال من الأطفال الذين يتشردون فى الشوراع، مضيفًا: الرئيس وضع لبنة مهمة جدا لحماية المجتمع المصرى والأسرة المصرية ولحماية أطفال المسلمين والمصريين، فالرئيس وضع الأمر فى نصابه، وأثبت أنه أب يعانى ما يعانيه كل أب يخشى على بناته ويخشى على نسائه.
ووصف الجندى الطلاق الشفوى بالعار على الأمة مطالبًا مشيخة الأزهر بالاستماع لرأى الدكتور سعد الدين الهلالى الفقهى فى تلك القضية التى أصدر عنها كتابًا بعنوان الطلاق الشفهى.
أما الدكتور سعد الدين هلالى أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، فقال لليوم السابع إنه انتهى منذ عامين من إصدار دراسة شاملة عن قضية الطلاق الشفوى وضع فيها كل الأسانيد والأدلة الفقهية التى يستند لها هذا الرأى، مؤكدًا أن النجاح والتقدم والحضارة والتجديد لن يتم إلا بالوعى الشعبى الجماعى.
يوضح كتاب الطلاق الشفوى الذى أصدره الهلالى، عدم وجوب وقوع الطلاق لعدة أسباب أهمها أن الزوجين قد استدعيا مندوب الدولة باختيارهما، وتوجهت إرادتهما إلى توثيق العصمة رسميًا بما يجعلهما على بينة من أمرهما، وأن الزوجة فى ظل هذا التوثيق لا تملك فى القضاء الشرعى أمر نفسها ولا تبدأ عدة الطلاق إلا من يوم تحرير طلاقها رسميًا، كما أن الزوج لا يملك فى القضاء الشرعى الزواج بخامسة وعلى ذمته رسميًا أربع نسوة حتى ولو زعم طلاقهن شفويًا، وكأن الزوج بتوثيقه لعقد زواجه رسميًا قد اشترط على نفسه ألا يحدث طلاقًا شرعيًا إلا بالتوثيق الرسمى ما يجعل طلاقه الشفوى لغوًا .
وأشار إلى أن الناس قديمًا قبل الأول من أغسطس سنة 1931م، كانوا يبرمون عقد الزواج شفويًا، فكان المنطق الطبيعى أن يتم حل هذا الرباط بلفظ الطلاق الشفوى على وضع معتبر، أما بعد توثيق الناس لعقود زواجهم رسميًا فإن طلاقهم يجب ألا يتم إلا بالتوثيق الرسمى لأنه السبيل الوحيد لحل رباط الزوجية الرسمى.
وأضاف: "مع هذا الوضوح الفقهى فى عدم الاعتداد بالطلاق الشفوى للمتزوجين رسميًا، إلا أن أوصياء الدين يشاغبون بتشكيك عامة الناس فى عقولهم السوية، وفى منطقهم السليم وفى قلوبهم المؤمنة بإيهامهم أن الطلاق الشفوى كان هو المعوّل عليه فى حل رباط الزوجية منذ عهد النبى صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين، متجاهلين أن الزواج كان كذلك شفويًا".
وأوضح أن الإنسان اختار الانتفاع بحضارة عصره من توثيق الزواج الذى يضبط العلاقات فى المجتمع ويضمن حقوق الأطراف ذات العلاقة عملًا بقوله تعالى: "إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمىً فاكتبوه" (البقرة:282)، فكان المنطق الطبيعى أن يتبع الطلاق نظام الزواج، فالزواج الشفوى يكون الطلاق فيه شفويًا، والزواج الرسمى يكون الطلاق فيه رسميًا.
وكشف الهلالى أن الشيخ جاد الحق على جاد الحق شيخ الجامع الأزهر الراحل، كان قد تقدم بمذكرة علمية إلى مجمع البحوث الإسلامية آملًا صدور قراره بعدم احتساب الطلاق الشفوى للمتزوجين رسميًا، إلا أن صوت الأوصياء كان هو الأقوى، حيث أكد الشيخ سيد العراقى المدير العام السابق لإدارة البحوث والتأليف والنشر بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، أن قضية الإشهاد على الطلاق وتوثيقه كان أول من أثارها الشيخ جاد الحق على جاد الحق شيخ الأزهر السابق، لكن اقتراحه قوبل باعتراض شديد من العلماء خاصة من الشيخ محمد خاطر مفتى الديار المصرية فى ذلك الوقت، رغم أن الشيخ جاد الحق عرض الاقتراح بطريقة جيدة، وقال: "إن بعض الناس يحلفون بالطلاق بصورة روتينية فى كل كبيرة وصغيرة، وإذا قلنا بوقوع مثل هذا الطلاق فإننا سوف نطلق الكثير من السيدات ويتم تفكيك آلاف الأسر وتشريد الأبناء، وربما لا يكون الأزواج يقصدون إيقاع الطلاق، وإنما يريدون الحلف فقط لتأكيد كلامهم ونحو ذلك".
ولفت إلى أن شيخ الأزهر السابق الشيخ جاد الحق طلب أن يكون الطلاق مثل الزواج لا يتم إلا بحضور شاهدين وبوثيقة رسمية، واستند فى كلامه إلى الكثير من الأدلة الشرعية، وأوضح أن ذهاب الزوجين إلى المأذون لإيقاع الطلاق وإحضار الشهود يؤكد رغبتهما الحقيقية فى إيقاعه، أما أن يحلف الزوج بالطلاق فى بيع أو شراء، أو مشاجرة أو جدال فهذا ينبغى ألا نلتفت إليه، لكن إذا رغب الزوجان فى إيقاعه فعليهما الذهاب إلى المأذون، ولو قررا التراجع عن الطلاق قبل الوصول إلى المأذون فلهما الحق فى ذلك.
وأكد الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف والأمين العام لهيئة كبار العلماء، أن الهيئة تعكف على دراسة العديد من القضايا المتعلقة بالطلاق للحد من حالات الطلاق، ومنها عدم وقوع الطلاق إلا بالإشهاد وعن طريق القاضى.
وأضاف الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف، فى تصريحات خاصة، أنه كتب عددا من المقالات تناولت الإشهاد على الطلاق ومعروض على هيئة كبار العلماء ويبحث بالفعل فى محاولة لتضييق الفجوة وتقليل حالات الطلاق.
جدير بالذكر أن هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، قد قررت فى وقت سابق تشكيل لجنة من فقهاء المذاهب الأربعة، بالإضافة إلى الاستعانة بمتخصصين فى الحديث والتفسير والتاريخ والقضاة، للوصول إلى قرار نهائى بشأن قضية الطلاق الشفوى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة