تسيطر حالة من الجدل والشد والجذب على المشهد الفلسطينى والصراع "العربى ـ الإسرائيلى"، بعد إعلان الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب اعتزامه نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة، وسط تحذيرات من اندلاع ما أسمته وسائل إعلام أمريكية بـ"ثورة فلسطينية" جديدة.
وبعد يومين من تولى ترامب مهامه الرئاسية، قالت شبكة "سى أن إن" فى تقرير لها أمس الاثنين، أن الإدارة الأمريكية الجديدة ستظل ملتزمة بنقل السفارة إلى القدس، لكن من المتوقع أن تتحرك بحذر ووفق جدول زمنى مع تركيزها على القضايا الهامة فى العلاقة الأمريكية مع الحكومة الإسرائيلية، واستشارة الحلفاء حول الطريقة التى تمضى بها قدما فى هذا الشأن، بحسب ما أفادت مصادر دبلوماسية إسرائيلية وكبار مسئولى الإدارة الأمريكية.
وأثار الاتصال الهاتفى الذى أجراه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب برئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو التكهنات بقرب تنفيذ ترامب لوعوده بنقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس. وأعلن البيت الأبيض بالفعل أن الإدارة الأمريكية فى المراحل الأولى لمناقشة نقل السفارة، الأمر الذى جدد المخاوف العربية من التداعيات المحتملة لهذه الخطوة.
وقال مسئول بارز فى إدارة ترامب أن نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس يظل أولوية للرئيس الجديد، إلا أنه حذر من أن هذا لن يحدث بشكل سريع. فليس من المتوقع أن يكون هناك إعلانا فى الأيام القادمة، وفقا لما ذكره المسئول، مضيفا أن العمل على هذه القضية سيكون واحدا من أول المهام التى تنتظر جارد كوشنر، صهر الرئيس الجديد كبير مستشاريه.
وقال دبلوماسيون عرب وأوروبيون أنه كانت هناك مؤشرات على أن ترامب ومستشاريه يمكن أن يبطئوا من تنفيذ نقل السفارة رسميا وسط تحذيرات من مسئولين عرب وأوروبيين للإدارة القادمة بأن هذه الخطوة يمكن أن تثير العنف وتقوض عملية السلام، وتضر بالموقف الأمريكى فى الشرق الأوسط وتعرض الأمريكيين للخطر. وحثوا الإدارة الأمريكية على التشاور مع الحلفاء حول هذه الخطوة ووضعها فى سياق إستراتيجية أوسع نحو معالجة الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وفى حين أن إسرائيل طالما أرادت نقل سفارة واشنطن ورحبت بتعهد ترامب، إلا أن كبار المسئولين الإسرائيليين قالوا أن القضية ليست الأكثر أهمية فى العلاقة بين البلدين، وشددوا على التهديد الذى تمثله إيران، والعنف فى سوريا وحاجة إسرائيل إلى تحسين علاقتها بالدول العربية تظل فى مقدمة اولويات حكومة تل أبيب.
من جانبها، قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن رئاسة دونالد ترامب، وبعد يومين فقط من بداياتها تعيد تشكيل السياسة بين الإسرائيليين والفلسطينيين فى قضايا عديدة ما بين موقع السفارة الأمريكية فى الدولة العبرية إلى احتمال ضم كتلة استيطانية كبرى، محذرة من احتمالات إقدام الفلسطينيون على ثورة جديدة.
ورأت الصحيفة أن الأيام الأولى لترامب فى البيت الأبيض شهد مناورات كبرى من كافة الأطراف، حيث شعر كثير من الإسرائيليين بالغبطة مع انتهاء عهد الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما، لكن ظلت هناك أسئلة حول مدى السرعة التى سيقوم بها ترامب بالتحرك فى نقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس، وهو المأزق الذى أرق الرؤساء الأمريكيين على مدار عقود.
وفى ظل تلك التطورات، استعد القادة العرب والفلسطينيين للتغيرات التى يمكن أن تأتى بها الإدارة الجديدة فى واشنطن. حيث التقى الرئيس الفلسطينى محمود عباس بملك الأردن عبد الله الثانى، وأكد كلاهما رفضهما لنقل السفارة. ورغم أنهما لم يطرحا أى تفاصيل لخطط برد فعل منسق إزاء هذه الخطوة لو تم اتخاذها، فإنهما حذر من اندلاع العنف بسببها.
وأشارت القيادة الفلسطينية إلى أنها ستبغى اعترافها بإسرائيل والذى يعتبره الإسرائيليون الشرط الأول لمفاوضات حل الدولتين، وهو احتمال يبدو بعيدا فى الوقت الراهن على أية حال.