إذا كان الدفاع عن مصر تطبيلا فأهلا به، وإذا كان الهجوم عليها شجاعة فبئسها، ومصر هى الشعب والأرض والدولة.. الشعب الذى تنبع هويته من التلاحم السلمى بين الحضارات والأديان، وفشلت الجماعة الإرهابية فى جره لأتون الصراع الطائفى، بين المسلمين والمسلمين، وبين المسلمين والأقباط، ورفض المصريون أن يكونوا وقودا لحروب دينية، مثل التى تحرق دول الجحيم العربى، ولم ينجح مشايخ الإرهاب فى تقسيم المصريين إلى رويبضة مصيرهم النار، ومؤمنين يدخلون الجنة، ومصر التى «نطبّل» هى وطن التسامح والتعايش والمحبة والسلام.. واللعنة على من يقترب من هذا المخزون الاستراتيجى، ويؤجج الفتن والصراعات.
مصر التى «نطبّل» لها هى الأرض، التى سعت الجماعة الإرهابية إلى التفريط فيها، وتصدى لها جيش مصر العظيم، وبالمناسبة فهذا الجيش الذى يروى ثراها بالدماء، لا يعرف التفريط فى شبر واحد من أرضها، ولم يكن قادته فى يوم من الأيام، إلا حراسا أمناء على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه، وتحطمت على صخرته مؤامرات التقسيم والتفريط.
مصر التى «نطبّل» لها هى الدولة، التى تصدت لمؤمرات التفكيك والهدم، فظلت مؤسسة القضاء حائط صد ضد الإخونة، ترفع رايات العدل فى أشد ساعات الظلم، ولم يرهبها بطش حاكم ولا إجرام أهله وعشيرته. واستردت الشرطة قوتها بعد أن حاولوا إطلاق لحاها وتمزيقها وتشتيت كوادرها، واستبدالها بميليشيات الشاطر والسيف والجلاد، ورغم الهجوم الضارى عليها بفعل حوادث فردية، إلا أنها تضحيات رجالها هى الوسام الذى يزين صدر البلاد.
مصر التى «نطبّل» هى القوة الناعمة، المكونة من مزيج الثقافات والحضارات على مر التاريخ، فأثمرت فنونا وآدابا ورقيا يشع نوره على دول وشعوب المنطقة، وسط ضجيج التكفير وصليل السيوف وقرع الدفوف.. ولم ينجحوا فى وأد استنارة طه حسين والعقاد، ولا أن يستبدلوا وطنية الشيخ المراغى وانفتاح محمد عبده، بخيانات القرضاوى والأراجوز وجدى غنيم.. ولم تستطع «أم أيمن» أن تمحو ذكرى «هدى شعراوى»، وفشلوا فى إسكات صرخة أم كلثوم وهى تشدو «أنا إن قدر الإله مماتى لا تر الشرق يرفع الرأس بعدى»، وعلا صوت عبد الوهاب يغازل معشوقته مصر «ليه بس ناح البلبل ليه، فكرنى بالوطن الغالى».
وهذه هى مصر التى «نطبّل» لها وننافقها.