تراجعت صناعة الجلود بمحافظة دمياط وخاصة ورش صناعة الاحذية تراجعا كبيرا خلال السنوات الماضية، فبعد أن ظلت مهنة صناعة الأحذية رقم واحد فى المحافظة يليها الألبان والأثاث والحلويات انقرضت تقريبا تلك الصناعة، ولم يتبق من أكثر من 1000 ورشة يعمل بها حوالى 5 آلاف عامل إلى حوالى 150 ورشة يعمل معظمها فى تصليح الأحذية والحقائب الجلدية بينما توجد عدد من الورش مازالت تصنع الاحذية على استحياء وتنتظر فقط الزبون صاحب المقاس أو الذوق الخاص.
ويقول أحمد الطوبجى 65 عاما صاحب ورشة أحذية بمنطقة الشرباصى بدمياط أن المهنة انقرضت لأن الآباء لم يعلموا أبناءهم المهنة، ولم يورثوها لهم فضلا عن ارتفاع أسعار الخامات بشكل مبالغ فيه، حيث ترتفع أسعارها يوميا وأرتفعت تكاليف صناعة الأحذية، واتجاه معظم أصحاب المهنة لفتح محلات لبيع الأحذية الجاهزة .
وأضاف، تصنيع الأحذية أصبح أسهل من الممكن أن تنتهى منها فى 10 دقائق، بينما قديما الحذاء الواحد كان يستغرق أسبوعا يتم تصنيعها من الجلد الطبيعى ويتم تعليب النعل وبها شغل يدوى عال.
وتابع الطوبجى، مهنة صناعة الأحذية مهنة عريقة يمتد تاريخها بدمياط لأكثر من 150 عام، ونحن اشتهرنا بها فى دمياط لسنوات طويلة، فكان لا يكاد يوجد شارع فى دمياط يخلو من ورش صناعة الأحذية التى عمل بها نحو 5 آلاف عامل حتى كادت تغطى السوق المحلى وتصدر للخارج.
وأكد، زمان كنا ننافس الأحذية الإيطالى والبرازيلى وهى أحذية متينة وجميلة بعكس الأحذية الصينى التى تعتمد على الشكل والإكسسوارات، وهو ما تجذب الزبون لأنهم فعليا درسوا السوق المصرى ونحن مازلنا نعمل بالأساليب القديمة .
وأوضح، أن الحذاء الدمياطى كان هو المسيطر داخليا وخارجيا وخاصة فى الخمسينيات والستينيات والسبعينيات وحتى منتصف الثمانينيات، لكن مع فترة الانفتاح الاقتصادى فى نهاية حكم السادات غرقت مصر ودمياط بالأحذية التى كانت يتم استيرادها عن طريق بورسعيد، واتجه الشباب لارتداء الماركات العالمية التى قامت بعمل دعايات ضخمة لها ما أثر علينا وتسبب فى إغلاق 90% من الورش وتم تسريح آلاف العمال الذين اتجهوا لمهن أخرى مثل الأثاث والحلويات والألبان.
وقال علاء البغدادى صاحب ورشة، إن الحال فى دمياط كان قديما هناك جمعيات تساعد ورش الأحذية فى توفير ودعم الجلود مستلزمات الصناعة وكانت الدولة تساعد أصحاب الورش سواء أثاث أو جلود وملتزمة بمساعدتهم، ولكن فى الفترة الأخيرة تركت الدولة أصحاب الورش والصناعات إلى الغرف التجارية التى لم تهتم لا بالصناعة ولا الصانع.
وأكد، لم يعد هناك سوى 150 ورشة وتعمل معظمها فى تصليح الأحذية، مؤكدا أن متر المشمع ارتفع إلى 30 جنيها فضلا عن الستلزمات الأخرى.
وطالب البغدادى الدولة بزيادة الرقابة، متسائلا أين تلك الأجهزة نحتاج لتدخل الدولة مباشرة لإنقاذ الصناعة من الانهيار، لأن تجار الخامات يقومون بالبيع بمزاجهم لأن مفيش حد بيسأل المستورد عن فواتير الاستيراد، مؤكدا أن هناك العشرات من صغار الصناع لا يجدون قوت يومهم.
ويضيف السيد على صاحب ورشة، المهنة ماتت فعلياً لعدم دخول أجيال جديدة ورفض الجيل الجديد استكمال مهنة الجيل القديم ومعظمهم تحولوا إلى تغيير النشاط من صناعة الحذاء إلى بيعه .
وتابع منقدرش نلقى المسئولية على أصحاب الورش وأبنائهم الذين رفضوا العمل بالمهنة ولكن هناك قرارات عشوائية وغير مدروسة مثل فتح باب الاستيراد من الخارج وعدم استيراد ماكينات حديثة أو تطوير المهنة والأذواق كل هذا أدى لانهيار المهنة.
من جانبه قال محمد الزينى، رئيس الغرفة التجارية بدمياط وعضو مجلس النواب ووكيل لجنة الصناعة بالمجلس لـ«اليوم السابع »، إن حالة الركود طالت جميع المهن سواء أثاث أو ألبان أو حلويات أو أحذية، بسبب ارتفاع أسعار الخامات وركود السوق والحال يسير وفقا للعرض والطلب، خاصة فى ظل عدم وجود شعبة أحذية فى غرفة دمياط.
وكشف الزينى أن الغرفة التجارية كان يوجد بها شعبة قوية للأحذية ولكنها اندثرت منذ 10 سنوات، وذلك على الرغم من أن صناعة الأحذية كانت حرفة اشتهر بها أبناء دمياط منذ القدم حتى ذاع صيتها محليا ودوليا، وكانت دمياط إحدى أهم المصدرين لدول قارتى آسيا وإفريقيا، خاصة فى أعقاب الحرب العالمية، حتى تجاوز عدد العاملين بالحرفة أربعة آلاف.
وأكد الزينى، أن صناعة الأحذية بدمياط تكاد تكون انتهت بإستثناء بعض الورش الصغيرة التى تقوم بالتفصيل حسب مقاسات معينة، ولا تتبع النظم الحديثة فى صناعة الأحذية، أى أنها صناعات بدائية إلى حد كبير.
وأوضح، أن عدم تطوير صناعة الأحذية من جانب العمال، وعدم قدرتهم على مواكبة التطور التكنولوجى فى المعدات المستخدمة للتصنيع، تسبب فى تراجع حالهم وحال صناعة كانت رائجة بشكل كبير قبل عشرات السنين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة