احتفاء نقدى بـ "مساكين يعلمون فى البحر" فى معرض الكتاب

الأحد، 29 يناير 2017 07:02 م
احتفاء نقدى بـ "مساكين يعلمون فى البحر" فى معرض الكتاب
كتب أحمد منصور

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

استضاف ملتقى الإبداع بمعرض الكتاب ندوة لمناقشة ديوان "مساكين يعلمون فى البحر" للشاعر عبد الرحمن مقلد، بحضور عدد من الكتاب والمثقفين والشعراء.

وبدأ الروائى أحمد إبراهيم الشريف الندوة بالإشادة بالديوان وأكد "أن عبد الرحمن مقلد.. شاعر.. شيخ.. حكيم.. يملك ما يريد قوله ليس فقط على مستوى القصيدة لكن على مستوى الرؤية، يملك روحا متأملة متزنة، يعرف لماذا وجد الشعر ولماذا كتبه الإنسان".

مقلد والشريف وصفوت
مقلد والشريف وصفوت

وقدم الشاعر إيهاب البشبيشى قراءة فنية فى الديوان، وحدد ما يميزه فى 8 ملامح، أولها الرومانسية، فبعد هذه المرحلة الطويلة يأتى عبد الرحمن مقلد ويجنح نحو الرومانسية الجديدة بخصائص جديدة، هى رومانسية لا تلجأ للطبيعة وإنما لمفردات الواقع فهو مثلا يتحدث مع كائنات الغرفة ويجنح للتجريد.

وقال البشبيشى عن الملمح الثانى لـ "مساكين يعملون فى البحر" بأنه يتفرد بتوازنه الدقيق بين السردية والغنائية، فنسمع للغناء بنفس سردى، وكثير من القصائد يأخذ بناء الحكاية، ولكنها لا تتخلى عن الغناء، وهو ما يمنح الديوان بنية موسيقية هادئة، ليست فاحشة ولا رتيبة، ولكنها بنية تتفق وطبيعة التجربة التى يبقى إيقاعها هو الأطغى على النص.

ونوه صاحب ديوان "كم الوقت" إلى أن "مقلد" يستطيع بإحكام أن يقدم بناء متوازنا، بين السردية والغناية، ويبتعد عن الطنين العروضى ليظهر الإيقاع النفسى.

وقال إيهاب البشبيشى إن الملمح الثالث لديوان "مساكين يعملون فى البحر" يتمثل فى أنه يطير بجناحى التراث والمعاصرة، فعبد الرحمن مقلد يضع قدما فى التراث، وقدما فى التجريب، ويتجلى ذلك فى اللغة التى أحيانا تجمع البنية المتماسكة والرصانة واستخدام مصطلحات حديثة ومعاصرة.

ورصد صاحب "لغة تعرف ألَّافها"، ملمحا رابعا فى تجربة عبدالرحمن مقلد، تتمثل فى القدرة على استخدام "التخيل والتصوير" بحكمة، حيث يستخدم الخياط بشكل مقتصد بلا إفراط ولا تفريط، مشيدًا بهذا الوعى البادى فى امتلاك الأدوات وطريقة الكتابة والعمارة والغناء.

جانب من الجمهور
جانب من الجمهور

ورصد إيهاب البشبيشى ملمحًا خامسًا فى الديوان يتمثل فى إحداثه مصالحة بين الشاعر والجمهور، فبعد سنوات انصراف المتلقى عن الشعر، وانصرف الشاعر بدوره عن المتلقى وتعالى عن الجمهور، يأتى عبد الرحمن مقلد ليقدم قصيدة تستطيع أن تجذب أذن المتلقى وتشد عين القارئ، فالتالى فنحن أمام كسب جديد وفتح للشعرية.

وأكد المناقش على أهمية فكرة المصالحة بين الشعر والجمهور، حيث يقدم عبدالرحمن مقلد نصا جديدا سهلا بوعى مختلف.

وأضاء "البشبيشى" لملمح سادس فى "مساكين يعلمون فى البحر"، وهى الالتزام بضمير الجماعة فعبد الرحمن مقلد شاعر جاد ينزف إذا جرح جاره، ويتوجع إذا سقط سقف عى قاطنى البيت. ففى الديوان يخفت ضمير المتكلم ليظهر ضمير الجماعة.

الملمح السابع الذى أشار إليه صاحب ديوان "منزل الروح" هو استخدام "المضارعة"، فـ "مقلد" يتعاطى مع فكرة الحال الآنى والدوام، وزمن المضارع، وبالتالى يكثر من استخدام الأفعال المضارعة فى الديوان.

الملمح الثامن يتمثل حسب البشبيشى فى البنية المعارفية أو المنطقية .. فمثلا يعبر الشاعر ويورد أفكاره بالسلب ويصرح بالفقد.

بينما قدم الناقد مدحت صفوت دراسة مغايرة فى الموضوع فتوقف عن العنوان منطلقا من أن "مساكين يعملون فى البحر" ليس تعبيرا عن أزمة المهمشين، لأن كل الأدب الإنسانى مشغول بهذه القضية، لكن خصوصية الديوان أنه يرفض الحرب.

مدحت صفوت
مدحت صفوت

وتابع صاحب كتاب "السلطة والمصلحة" أن طريقة رفض الحرب فى الديوان متعددة  ولا تعتمد على المباشرة، بل، فى معظمها، تكون ناتجة بالرؤية السلبية للعنف والحرب.

الشاعر حازم حسين علق على الديوان قائلا: المدخل الأول لقراءة الديوان يبدأ من عتبته السيميائية، العنوان، والذي يحمل مستويين من الدلالة، إما جملة واحدة تقريرية، أي أنهم مجرد مساكين يعملون في البحر، أو جملتين متعلقتين دخل عليهما الحذف والإضافة والتقدير، بمعنى أنهم مساكين، لأنهم يعملون في البحر، وجماع الدلالتين يسحب البطولة من المساكين ومن البحر على حد السواء، ويضعها في عهدة المسكنة، والضعف، في عهدة حالة الخفوت الحاضرة والمتجددة بقوة المضارعة المهيمنة على العنوان، ما يحمل قراءة أولى بأن الديوان مرثية لا لحالة الضعف في ذاتها، ولكن للفضاء الزماني الحامل لها وأفاعيله في الناس، أي أنه مرثية للزمن.

ولوجا من العنوان إلى المحتوى، يحمل الديوان سمات رومانسية على مستوى معجمه اللغوي وتشكيله للجملة وفضائه السياقي والدلالي، ومن حالة الرثاء وامتزاجها بالأداتية الرومانسية، تعمد التجربة إلى الرهان على الأثر الوجداني لا على الاصطدام بمساحة الوعي في مستوياتها المنطقية المثيرة للأسئلة، ومن هذا المدخل فمن الطبيعي أن تسيطر على الديوان بنية لغوية تقريرية، واحتفاء واسع بالجملة الفعلية، بما تحمله من صيرورة، وما تنطوي عليه من إعلاء للحدث على المحدث فيهم، للأثر على المتأثرين، وأيضا من تسجيل للزمن وإدانة مباشرة له بوضعه في مركز الصورة.

ضمن آليات التشكيل في الديوان، يشتغل قطاع من القصائد على صيغة أقرب إلى السخرية، تعدد متناقضات وترصفها إلى جوار بعضها، كحالة تزيين الضريح وتزين النسوة، ولكنها في فعلها النفسي تتجاوز فكرة التناقض المثير للسخرية ظاهريا، إلى حالة ميلودرامية، أو صيغة أقرب إلى الكوميديا السوداء، وذلك في إطار تعميق الأثر النفسي، والحفر بعمق في جوهر حالة الرثاء وما تنطوي عليه من ارتباك وشقوق في جدار الروح.

البنية العامة للديوان تنحو للدائرية، على الصعيد الموسيقي الذي يحتفي بالتدوير في أغلب القصائد، أو في الإطار البنائي وترتيب القصائد، التي تصنع حالة دائرية، تبدأ بالمساكين الذين يعملون في البحر، ويحيون أسرى لتقلباته، وتنتهي بالأجيال القادمة التي تعتلي كتفي واحد من المساكين المتورطين في البحر، لتحارب طواحين الهواء، عابرة بين الضفتين على حالات وإحالات عديدة للضعف والانكسار والفقد والألم والحياة على هامش دراما العالم، وهي بنية دائرية في إطاريها، الإنساني والحدثي، وهو ملمح صوفي، بقدر اختزاله لتعقيدات الكون في هذه الدائرية التي تعود على بدئها في الزمن بشكل دائم، تؤشر إلى نزوع روحي لحالة الضعف وانتصار لها، وإن كان في مقام الصراع مع العالم والحياة، لا في مقام التوحد في المطلق الأعلى والاندغام فيه، وهذه في ذاتها مرثية كبيرة وبكائية بالغة النشيج للزمن وأفاعيله في المساكين، وفي البحر أيضا.

مساكين يعملون فى البحر
مساكين يعملون فى البحر

 

وأشاد الشاعر أشرف يوسف بتجربة عبد الرحمن مقلد، واكد انه يكتب قصيدة تفعيلة متطورة عن القصيدة التى كان يكتبها الرواد، وهو ما يؤكد أنه لا فرق بين قصيدة نثرية وأخرى تفعيلة، الأهم هو ما داخل النص.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة