يترأس الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، الأسبوع المقبل، جلسة غير عادية، لهيئة كبار العلماء، وذلك لمناقشة تقارير اللجان العلمية التابعة للهيئة فيما يخص قضية وقوع الطلاق الشفوى والمثارة حاليا.
وذكرت مصادر بالأزهر الشريف، أن الأمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، لم يشكل لجانا لبحث قضية الطلاق الشفهى، وذلك لأن الأمر معروضا على هيئة كبار العلماء منذ فترة ضمن عدد من القضايا تبحثها اللجان المختصة، من أجل الوصول إلى رأى فقهى جماعى يحسم الجدل والخلاف الدائر بشأنها.
وأوضحت المصادر، أن أى رأى أو فتوى فردية فى هذا الشأن لا تعبر إلا عن رأى قائلها حتى وإن كان من العاملين بجامعة الأزهر ولا تعبر عن رأى الأزهر، لأن الرأى العلمى الرسمى الذى يعبر عن موقف الأزهر هو رأى هيئة كبار العلماء فقط وفقا للدستور والقانون.
يذكر أن هيئة كبار العلماء هى المرجع النهائى فى كل ما يتعلق بعلوم الإسلام وتراثه واجتهاداته الفقهية والفكرية الحديثة وفق الدستور والقانون.
من جانبه قال الدكتور عباس شومان، وكيل الازهر الشريف، والأمين العام لهيئة كبار العلماء، إن مسألة الإشهاد على الطلاق من المسائل الهامة التى يدور حولها الجدل فى الأوساط العلمية وتشغل بال شيخ الأزهر كثيرًا، نظرًا لإطلاعه المباشر على ما يسببه الطلاق من عنت شديد للأسر من خلال المشكلات التى تُعرض على ساحة الطيب.
أضاف وكيل الأزهر الشريف فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أنه فى إطار البحث عن حل يحد من الطلاق المكروه شرعًا، لما يترتب عليه من تفكك للأسر وتشتت للأبناء وأثر ذلك على السلم المجتمعى، وإن كان الشرع يجيزه لما يترتب على استمرار الحياة الزوجية فى بعض الحالات من عنت يزيد كثيرًا عن العنت المترتب على الفرقة، فإن الأمر يقتضى النظر فى إمكانية اشتراط الإشهاد على الطلاق قبل ترتب آثاره عليه، فى محاولة للحد من حالات الطلاق التى استشرت نتيجة عوامل كثيرة ضاغطة فى هذه الأيام، وذلك لتخليص المرأة من ظلم وشك شديدين حين ينكر الزوج ما تقوله بأنه طلقها عند سؤاله أمام المفتى أو القاضى، حيث لا يعتد بدعوى المرأة فى هذه الحال، بل يفتى المفتى أو يقضى القاضى ببقاء الزوجية، ولا تدرى المرأة التى تكون على يقين من تطليق زوجها لها - ولا سيما أن كانت الثالثة - أهى زوجة شرعًا بحيث يحل للزوج ما كان قبل الطلاق المزعوم أم لا.
وأوضح شومان، أنه بالنظر فى الأدلة ومراعاة أحوال الناس لا يمنعان اشتراط الإشهاد على الطلاق، حتى يترتب عليه آثاره إذا ثبت أن القول بذلك فيه دفع لمفاسد وجلب لمصالح، لحفظ الأسر من التفكك والأبناء من التشتت والبيوت من الخراب، وهو ما يضمن الاستقرار والسلم المجتمعى.
واستطرد وكيل الأزهر الشريف: "مع ذلك، فإن الأمر يحتاج إلى دراسات اجتماعية ونفسية تدعم التناول الفقهى، خشية أن يزيد هذا الرأى الفقهى من تعقيدات الأمور من حيث أراد حلها، فقد يستخف بعض الناس بالطلاق، وبدلًا من تحرجهم الآن من التلفظ به حتى فى حالات الغضب حفاظًا على استمرار الحياة الزوجية، فقد يصل الأمر إلى أن يلقى أحدهم على زوجته يمين الطلاق بسبب وبدون سبب تهديدًا لها وهو مطمئن بأن الطلاق لن يقع لعدم توفر الشهود على ذلك، وهناك أمر آخر لا يسلم معه اعتبار الإشهاد لحصول الطلاق، وهو قول النبى - صلى الله عليه وسلم: «ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والعتق»، ويبعد أن يُشهد شخص على تطليقه زوجته وهو هازل، كما أن الحديث يفيد وقوع الطلاق بمجرد صدوره من الزوج لزوجته وإن كان مزحًا، ولا يسلم أيضًا اعتبار الإشهاد لحصول الطلاق مع ما هو معلوم من أنه يحتاط فى الدماء والأعراض ما لا يحتاط فى غيرهما، والتحوط يقتضى اعتبار وقوع الطلاق ولو من دون إشهاد حفظًا للأعراض والأنساب، ولذا فقد يكون مناسبًا ما ذهب إليه ابن رشد من القول بحصول الطلاق فور صدوره ووجوب الإشهاد عليه بعد ذلك توثيقًا للحقوق".
وأشار شومان، إلى أن المسألة تحتاج للنظر الفقهى والاجتماعى معًا، ولا مانع من اعتبار ما يحقق المصلحة شرعًا، موضحًا أن النصوص الواردة فى هذا الموضوع ظنية الدلالة تتسع لأكثر من قول، بدليل اختلاف الفقهاء فى المسألة، وما ذاك إلا لاختيار ما يدفع المفسدة ويجلب المصلحة متى تبين للمجتهدين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة