سياسة الجدار العازل الذى تنتهجها أمريكا الآن بينها وبين المكسيك، والتطبيق المزمع لهذا الجدار على أرض الواقع على الحدود بين أمريكا والمكسيك لآلاف الأميال والتكلفة الضخمة والكبيرة لهذا الجدار ومن قبله تكلفة نهج السياسة التى يُستشفُ منها قصور فى تقييم طبيعة العصر، وأن لا جداراً يستطيع أن يمنع حركة البشر من مكان لآخر، ولكن ربما هناك أهدافاً خفية لا تُظهرها أمريكا.
الولايات المتحدة تقول أنها ستبنى هذا الجدار لمنع تدفق المهاجرين غير الشرعيين من المكسيك إلى أمريكا، بالإضافة إلى الحد من تجارة المخدرات التى تلقى رواجاً وتهريباً على الحدود بينها وبين المكسيك. لكن التكلفة المهولة لبناء الجدار بطول آلاف الأميال ستجعل المواطن الأمريكى يستشيط غضباً من دفع الضرائب لبناء هذا الجدار، وهو ما تهربت منه الإدارة الأمريكية بفرض ضرائباً على الصادرات المكسيكية التى تدخل لأمريكا بعدما كانت تلك الصادرات فى إعفاء تام من الضرائب وفقاً لاتفاقية تجارة حرة بين أمريكا وكندا والمكسيك تسمح بمرور التجارة بينهم دون رسوم، لكن هذا التهرب هو تهرب نظرى فالواقع أن المواطن الأمريكى سيشترى السلعة المكسيكية بثمن أكبر وهى نفس نتيجة فرض الضرائب، ولكن تجميع الأموال هنا سيكون من الجمارك بعيداً عن الأشخاص.
لكن بعد سنوات من الانتهاء من بناء الجدار وفتح بوابة جميلة وواسعة فى هذا الجدار للمرور الشرعى منها كما قال ترامب، هل سيصمد هذا الجدار أمام الأنفاق التى ستُبحر تحته؟ وهل ستتوقف عقول المهاجرين أمام هذا الجدار ولا تتجه لكندا للعبور من هناك دون جدران أخرى إلا إذا فكرت الولايات المتحدة فى بناء جدار آخر على الحدود مع كندا، لتجد أمريكا أنها أصبحت تعزل نفسها عن العالم.
لكن هنا السؤال لماذا تبنى أمريكا الجدار العازل بينها وبين المكسيك ولا تبنى بينها وبين كندا؟
كندا بها تعليم راقى ومتوسط دخول الأفراد بها مرتفع، وبالتالى فالمواطن الكندى ليس بحاجة مُلحة للهجرة الشرعية إلى أمريكا فضلاً عن الهجرة غير الشرعية، أما المكسيك فهى العكس فتوفير الأموال عندهم يُشكل تحدياً كبيراً.
الحل أمام الولايات المتحدة هو توجيه الأموال الطائلة التى ستُنفق فى تمويل هذا الجدار "عديم الجدوى" إلى دعم الاقتصاد المكسيكى وتبنى التعليم فى المكسيك ليرتفع دخول الأفراد ولا حاجة بعدها للهجرة، وهنا سيرفع العالم أجمع القبعة للولايات المتحدة لأنها ستكون قد قامت بعمل إنسانى كبير بالإضافة إلى مساعدة جيرانها فى الحلم بحياة اقتصادية كريمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة