«مر الكلام زى الحسام.. يقطع مكان ما يمر أما المديح سهل ومريح.. يخدع.. لكن بيضروالكلمة دين من غير إيدين.. بس الوفا عالحر»
هكذا قال «الفاجومى» أحمد فؤاد نجم، وهكذا «إبراهيم عيسى» الصحفى الذى لم ينس أنه صحفى، المثقف الذى عاش بثقافته ولثقافته، الفنان الحالم، الطفل النزق، الحاضر فى تاريخ المهنة رغما عن كراهية الكارهين، صاحب البصمة البارزة والحضور الطاغى، والكاريزما الباهرة، صاحب الصوت الذى لا تخطئه أذن، وصاحب الطلة التى لا تخطئها عين، هو هو، لم يتغير، لم يتبدل، لم يتحول، «صيته من دماغه» لا يستتبع ذبذبات الرضا عند اليمين أو اليسار، موجات أذنه مضبوطة على إيقاع قلبه، إن قال ما لا يعتقد بصدقه اضطرب القلب وزاد الخفقان، لا يستريح إلا حينما يخرج ما بداخله دفعة واحدة مثل انهمار السيل، أو على دفعات متتابعة كدبيب المدافع.
مشوار طويل قطعه عيسى مع هذه المهنة، وفى كل وقت كان يتميز بأكثر ما يميز الرجال، كان خصمًا شريفًا لخصومه وندًّا قويًّا لأقرانه وحليفًا معينًا لأصدقائه، صفات جمعها عيسى فى جعبته وحرص عليها طوال مشواره، فلم ينل ذلك الإعجاب الناعم اللزج من قبل البعض، ولكنه نال ذلك الإعجاب الممزوج بالغيرة أو الغبطة، ولا يعرف الكثيرون أنه برغم ما يثيره من جدل وما يخوضه من معارك، لا يحمل بين ضلوعه سوى قلب طفل لم يجاوز العاشرة، كلمته «غشيمة» لا يحسب حساب شىء قبل أن يطلقها، فهو مثلما يقول عبدالرحيم منصور على لسان محمد منير «أبوالجليب صافى جافى ولسانه مر» ولا تنبع تلك المرارة من لسانه بالفعل، وإنما تنبع من تلك الحقيقة التى يلقيها فى وجه من يريد الزيف.
حرمنا «عيسى» من وجوده اليومى فى بيوتنا كطاقة نور متجددة تبعث بأشعتها التنويرية فى وقت معلوم، حرمنا من طلته المتميزة التى كان ينتظرها كل من يريد أن يرى جديدا أو يسمع مفيدا، إننى هنا أريد فحسب أن أرسل إليه باقة حب من متابع شغوف.