خلال أيام كشفت هيئة الرقابة الإدارية مجموعة من قضايا الفساد، تتعلق بحصول عدد من كبار وصغار الموظفين على رشاوى، لتمرير صفقات أو إرساء عطاءات، ومن الواضح أنها جميعا تتم بطريقة واحدة، موظف أو مجموعة موظفين، يقبلون التعاقد بأسعار مضاعفة مقابل مبالغ، تتراوح بين آلاف وعشرات ومئات الآلاف وتصل إلى ملايين. واضح أن هناك ثغرات موجودة فى النظام الإدارى تسمح بهذا الفساد بشكل منهجى. وحتى عمليات الضبط لا تمثل رادعا للفاسدين، والدليل أن رئيس حى بأكتوبر سقط فى قضية رشوة 100 ألف جنيه، فى اليوم التالى للإعلان عن قضية الرشوة الكبرى والمتهم فيها اللبان، ويبدو أن المتهم هو قمة جبل الجليد، وأن الأمر شبكة متكاملة من الفساد.
سقوط رئيس حى، بعد عدد من رؤساء الأحياء أو الموظفين، تزامن مع رئيس الشؤون القانونية للزراعة بالصعيد الذى صنع تسعيرة، لمنح أوراق تسمح بتبوير الأرض الزراعية بحوالى 10 آلاف جنيه للقيراط، وحصل على عشرات الملايين خلال فترة من الزمن. فى مايو الماضى تم ضبط مستشار وزير الصحة لتجهيز المستشفيات، متلبسا بـ4.5 مليون جنيه رشوة من شركة مستلزمات طبية، نظير إرساء تركيب وحدة زرع نخاع بمستشفى معهد ناصر، ملايين فى صفقة واحدة يعنى عشرات الملايين فى صفقات مختلفة، ومعروف أن وزارة الصحة أكبر زبون للتجهيزات والأدوية وتتعامل سنويا بمليارات، والحكومة عموما زبون ضخم لكل الجهات، والرشوة تعنى تضييع مئات الملايين من المال العام، المرتشى يحصل على عدة ملايين، ويسمح بأسعار مضاعفة عشرات الملايين.
ببساطة هناك مئات وربما آلاف المليارات يحصل عليها الموردون بدون وجه حق، والموظف على عدة آلاف، يدفعها الشعب، ومع كل الجهود التى تبذلها الاجهزة الرقابية، هناك ثغرات من الواضح أنها تسمح بالفساد وتجعل هناك قابلية للتكرار، حيث لا يفترض أن نتعمد على ضمير الشخص فقط، وإنما واضح أن القوانين والتركيبة الإدارية، تسمح بما يجرى، وهناك ضرورة لتغيير هذه المنظومة وسد الثغرات التى تسمح بتكرار الفساد، لأن المتابعة تعنى وضع رقيب فوق كل مسؤول لديه سلطة الموافقة والرفض والتعاقد فى الملايين، وهو أمر قد يقلل من الفساد لكن، تكرار الفساد يعنى استمرار الأبواب التى يأتى منها الفساد مفتوحة، ومع أنه لا يمكن التعميم، لكن من الواضح أن هناك ثغرات بحاجة لثورة إدارية وليس فقط قانونية، وهو أمر يحتاج إلى التدخل بسرعة، لوقف نزيف بمئات المليارات تكاد تأكل موازنة الدولة.