الدعوة إلى الله شىء محمود يقوم به الإنسان المتخصص الدارس لعلوم الدين بكتبه وخطبه ودروسه، ويقوم به الإنسان العادى بأخلاقه وقيمه، وشرط النوع الأول هو الوعى بما يقوله والتأنى قبل النطق، ومعرفة الغاية ودراسة الوسائل، لكن بعض الدعاة لا يعرفون كيفية الدعوة سوى عن طريق المقارنات، وغالبا ما تكون ظالمة لكل شىء، مثلما فعل عائض القرنى.
والشيخ عائض القرنى، وكلنا نعرف حكايته مع الكتاب الشهير لا تحزن، قال فى إحدى خطبة الدينية «إن الشباب يشترون الروايات ويسهرون لقراءتها وتأملها وهى من كلام الأغبياء من البشر ويتعاملون مع القرآن الكريم على أنه كتاب قديم» والسؤال المهم : لماذا يعقد الشيخ القرنى هذه المقارنة؟
كثير من الدعاة، لا يعرفون شيئا عن «الزمن» وينطلقون من المرجعيات القديمة التى عفت عليها الأيام، كما أنهم يسقطون من حساباتهم أى شىء يتعلق بالفردية والتنوع والاختلاف وقبول الآخر ويرون أننا نعيش فى جزر متنافرة ومتناحرة، ولا يجوز أن يلتقى الطرفان، كما أنهم يتبنون ثقافة الثنائيات، «مؤمن/كافر» ويعتبرون التسامح نوعا من الميوعة الفكرية التى ليس لها معنى.
الشيخ عائض القرنى لا ينتبه إلى أنه بهذه الطريقة يصنع عالما من «الأحاديين» فى الفكر والرؤية والاتجاهات، ويخلط بين المقدس والبشرى، ويتدخل فى سبل تلقى المعرفة ويصادر على الناس بناء شخصياتهم، ولا يعترف بالتغيرات الكبيرة التى أصابت البشرية فى مئات السنين الماضية.
لا يتنبه الشيخ، أو لعله متنبها لكنه يقصد التغاضى، أن العالم أصبح أكثر تعقيدا لدرجة أن الاقتصار على العلوم الشرعية لم يعد كافيا لنصبح أمة ناجحة، فنحتاج إلى المناهج العلمية لنبنى مجتمعا صناعيا وزراعيا وتجاريا مهما، ونحتاج إلى العلوم الإنسانية وعلى رأسها الأدب حتى نبنى إنسانا يعرف أن هناك قيمة كبيرة لأرواح الآخرين وأنه لا يعيش وحده على هذا الكوكب.
ومن جانب آخر هل قراءة الروايات تنفى أن يقرأ الناس كلام الله ويتدبرون معانيه وآياته؟، على العكس القراءات الأدبية تفتح المجال لفهم التأويل، وللمعرفة اللازمة لفهم النصوص الدينية المقدسة وتفتح أفقا للمعرفة العامة ولمعرفة أنماط البشر حتى يصبح الإنسان قادرا على فهم الناس الموجودة فى مجتمعه، لكن من الواضح أن الشيخ ورفاقه يريدون أن يظلوا متحكمين فى الجانب المعرفى ويصادروا على الناس الرغبة فى الفهم حتى يستمروا فى نشر تفسيراتهم الخاصة للنص الدينى.
الأدب شىء إيجابي يستحق الشراء ويستحق أن يسهر الإنسان لقراءته، والقرآن الكريم ليس كتابا قديما ولن يكون، وقارئو الأدب هم الأكثر إدراكا لجماله ولقوة أسلوبه.
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
تنوع ثقافة الفرد
رحم الله الدكتور مصطفى محمود ، سبق زمانه ، فقد كان موسوعى الثقافة ، سبق كل هؤلاء، كان داعية يملك كل مقومات الدعوة وإطلع على جميع الثقافات وصادق كل اجناس البشر من شتى بقاع العالم ومن مختلف الإيديولوجيات .