بدأ الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، مشواره فى رئاسة البيت الأبيض بالعنف، وهو عنف متوقع من برنامجه ومن شخصيته وأدائه فى الفترة التى سبقت الانتخابات الأمريكية وخلالها، ففى الأيام القليلة السابقة كان الحديث عن جدار عازل مع المكسيك، هو المسيطر فيما يتعلق بالحديث مع دول الجوار، ويوم الجمعة الماضى، وقع على مرسوم بتعليق استقبال اللاجئين فى الولايات المتحدة لمدة 120 يومًا، وفرض حظرًا على دخول المهاجرين من سوريا لفترة زمنية غير محددة، ومنع منح تأشيرة دخول لجميع مواطنى 7 دول لأمريكا، قبل ذلك فهو لا يزال مع فريقه يدرسون نقل السفارة الأمريكية فى إسرائيل إلى القدس.
الدول السبعة الممنوع دخول مواطنيها إلى جنة أمريكا، هى إيران وسوريا والعراق وليبيا والصومال والسودان واليمن، كلها دول يجمعها الإسلام لكن السياسات والصراعات مختلفة ومتغايرة، وبعضها لا يملك ترامب مبررًا لممارسة هذا المنع.
فى البداية، أريد أن أتوقف عند مواطنى دولة العراق، الضحية الأبرز للنظام الأمريكى الجديد فى السنوات الأخيرة، والغريب أن أسلاف ترامب فى حكم أمريكا من الحزب الجمهورى «بوش الأب ثم بوش الابن» هما سبب الكوارث التى تعيشها بغداد حتى الآن، والجيش الأمريكى، وما فعله فى هذه الأرض هو سبب المعاناة الإنسانية المنتشرة فى هذا البلد، ويعانى بشدة مما زرعته فيه السياسة الأمريكية من فتن بين سنة وشيعة من جانب، وعرب وأكراد من جانب آخر، كما تسببت فى صناعة الكيانات المتطرفة التى تملأ الأرض هناك، لكن ها هى أمريكا ترامب، لا تريد أن تشعر بالمسؤولية تجاه كل ذلك، ومنذ أيام قليلة كان الرئيس الأمريكى قد صرح بأن «غزو العراق كان خطأ» وهى خطوة تمهيدية ليعلن القطيعة مع الأزمة، لكنه لم يقل إنه خطأ يجب تحمل نتيجته.
أما منع السوريين والليبيين واليمنيين والصوماليين، فأعتقد أنه قرار متسرع، ويكشف أن ترامب لا يعرف طبيعة الصراع فى تلك الدول، وأنه يضع الجميع فى سلة واحدة، أو أنه يسير على مقولة «الباب الذى يأتى لك منه الريح» دون أن يتأكد من الواقف خلف الباب، وهى سياسة غير صحيحة بالمرة.
أما منع الإيرانيين فهو خطأ كبير ارتكبه ترامب، كما أنه يكشف عدم دراسته للوضع الإيرانى، فالخاسرون فقط من هذا القرار هم المعارضون الإيرانيون، أما النظام فلن يتأثر بالشكل الذى يتوقعه الرئيس الأمريكى، بل سيعلى مقولة «أمريكا الشيطان الأكبر مرة ثانية».
من ناحية أخرى، ربما يرى البعض أن هذه الدول الممنوع شعبها من السفر لأمريكا، خلاف إيران، هى دول صغيرة ومأزومة وليست ذات تأثير كبير فى سياسات العالم، لكن ذلك غير صحيح، فهذا التوجه يكشف أن أمريكا بدأت مرحلة صعبة من حياتها يمكن تسميتها بـ«العزلة الأمريكية» وهى طريق صعب نهايته غير سعيدة بالمرة.