كان مؤتمر الشباب الشهرى فى أسوان، مناسبة لطرح مشكلات وقضايا الصعيد عموما، وأسوان خصوصا، وبقدر ما كانت زيارة الرئيس لمحطة كيما لتنقية مياه الصرف الصناعى كاشفة للمشكلة، بقدر ما كانت كاشفة عن خطوات جرت حتى الآن لإقامة محطة معالجة للصرف الكيماوى. والإعلان عن تشغيل محطة الصرف الثنائى فى مارس، والثلاثى خلال نهاية العام لتنتهى المشكلة نهائيا، حسبما أعلن وزير الإسكان الدكتور مصطفى مدبولى أمام الرئيس، ومعروف أن التنقية الثلاثية تجعل الماء الناتج صالحا لأغراض كثيرة مثل الزراعة، وتمثل خيارا حديثا لتوفير المياه، وتتبعها كل الدول خاصة مع تقدم التكنولوجيا الخاصة بالتنقية، التى يمكنها تحلية مياه البحر، ومياه الصرف.
مشكلة مصنع «كيما» مستمرة من عقود، ولا تتعلق فقط بأسوان وكيما، لكن بالصرف الصناعى والصحى على طول نهر النيل، والاعتداءات على حرم النيل والبناء على شواطئه، الذى يمثل جريمة مستمرة، ولا يكفى أن نتغنى بأن مصر هبة النيل، ثم نمارس كل الجرائم مع النيل حيث نحيا ونشرب ونروى زرعنا. مع ملاحظة أن كل تلوث فى النيل، يصل إلى طعامنا وشرابنا وملابسنا، وهو كان سببا فى انتشار الكثير من الأمراض وتدمير صحة المواطنين، على مدى عقود.
فى أوقات سابقة كان إنشاء المصانع لا يضع فى اعتباره حجم ما تطلقه من تلوث، خاصة للنيل، وكانت بعض الصناعات وقتها خارج الكتلة السكنية، ومع زحف السكان، أصبحت وسط هذه الكتل وتمثل خطرا دائما بطول نهر النيل، وبالرغم من وجود قوانين تجرم العدوان على النيل، فهى قوانين غير مطبقة، وتخرقها الكثير من الاستثناءات، وكل هذا فى وقت نتحدث فيه عن تضاعف استهلاكنا من المياه، وحاجتنا لكل قطرة من حصتنا.
وكان مؤتمر الشباب الشهرى، فرصة، حيث كان الشباب هم من أثاروا مشكلة مصنع كيما، وأيضا جددوا الحديث عن البناء فوق مخرات السيول وغيرها من الأخطاء. ونعرف أن هناك جمعيات شعبية لحماية النيل، يفترض تفعيلها وتشجيعها، حتى يمكن أن تساهم فى نشر الوعى بحماية النيل، وأيضا المساهمة فى كشف الاعتداءات على طول النهر. حتى يمكن الجمع بين العمل الحكومى، والشعبى، لحماية النيل، وهو المصدر الرئيسى للمياه، ونظن أن عقد مؤتمر الشباب فى محافظات مصر وتوسيع دوائر المشاركة، خطوة لتأسيس تحرك شعبى، يسد ثغرات الانفصال بين الدولة والمواطنين.