البرلمانى والمخرج فوت فرصة النشطاء والإخوان للمزايدة وتوظيف حادث توقيفه لمصلحتهم
الخصومة السياسية فى مصر غير شريفة بالمرة، ومن جميع أطراف المعادلة، لا أستطيع أن أستثنى طرفا بعينه، الجميع عاشق للانزلاق فى مستنقعات التكفير والتشويه.
وسأبدى رأيا اليوم، ربما لن ينال إعجاب عدد من القراء الأعزاء، وأنا أكن للجميع كل الاحترام والتقدير، لكن أطالبهم، وبحكم ميراث الثقة بيننا منذ تخصيص هذه المساحة ليخط قلمى حروف الدفاع عن الحق، وإعلاء شأن القيم الأخلاقية والوطنية، أن يجروا عملية عصف ذهنى، وإعلاء فضيلة التفكير والتدبير، وتنحية المشاعر الشخصية، فى كل القضايا المطروحة بشكل عام، وما سأتناوله فى هذا المقال عن قضية البرلمانى والمخرج خالد يوسف، بشكل خاص.
وللتوضيح، فإن خالد يوسف ارتدى عباءة الثورة، وكان له ما له من تصريحات وأفكار تتقاطع بقوة مع الغالبية من الكتلة الصلبة التى يرتكز عليها هذا الوطن، أو ما يطلق عليها اصطلاحا «حزب الكنبة»، وكان له ما كان أيضا من مساندة وتعريف بثورة 30 يونيو، ولا ينكر دوره فى تصوير الملايين فى الشوارع، التى كان لها صدى بالغ لإطلاع العالم على حقيقة الملايين فى شوارع مدن وقرى مصر، إلا كل جاحد.
كما لعب دورا مهما فى لجنة الخمسين لإعداد دستور البلاد الحالى، الذى لاقى اعتراضات كبيرة عقب إقراره من المواطنين العاديين، ثم ترشحه لخوض انتخابات مجلس النواب عن دائرة كفر شكر بمحافظة القليوبية، ونجح باكتساح، وحصل على المقعد البرلمانى، وبدأ يشكل تحالفات رأتها الكتلة الصلبة أنها تتقاطع مع أولويات واتجاهات الدولة فى الوقت الراهن.
وأمس الأول، الأحد، فوجئ الجميع بسلطات مطار القاهرة توقف البرلمانى والمخرج خالد يوسف، وتمنعه من السفر إلى فرنسا، بعد العثور معه على أقراص «الزانكس» وهى أقراص مدرجة فى الجدول الثانى، أو ما يسمى «فئة ب» الممنوع تداوله إلا بموجب روشتة طبية، وتمت إحالة الواقعة إلى النيابة.
إلى هنا الأمر عادى، السلطات بالمطار عثرت على أقراص مدرجة فى الجدول فئة «ب» مع خالد يوسف وتم حجزه، للتحقيق معه وفقا للقانون، والرجل رضخ للأمر وقدم ما يثبت أن هذه الأقراص اشتراها من الصيدلية بموجب روشتة طبية لزوجته مختومة، وباستدعاء الصيدلى والتأكد من الروشتة تم الإفراج عنه.
لكن الأمر غير العادى، أن المزايدين من النشطاء والجماعات المتطرفة حاولوا التدخل لإشعال النار، وتوظيف توقيف خالد يوسف على أنه تعمد وإهانة كبرى، وأصدر أيمن نور الهارب فى تركيا، بيانا، يعلن تضامنه مع خالد يوسف، لكن فوجئنا بالرجل يبنى سدا وجدارا فاصلا أمام المزايدين ومشعلى النار، وأعلن صراحة، أن الأمن أدى دوره وفقا للقانون، وهو بدوره قدم ما يثبت براءته بالوثائق والأدلة.
ثم والأهم أن خالد يوسف خرج وأدلى بتصريحات قال فيها نصا: «أنا مش هعمل زى الحملة المسعورة على، فى مسلسل تشهير بى، وممكن أعمل بطل وشهيد وأقول فيه تربص بى، لكن لن أفعل ذلك، ولن أتهم أحدًا باستهدافى، والإجراءات كلها تمت وفقا للقانون، وتمت معاملتى بشكل جيد».
تصريحات البرلمانى خالد يوسف، متزنة وعاقلة، وأغلقت أبواب المزايدات التى فتحها النشطاء وأدعياء الثورية وجماعة الإخوان الإرهابية على مصراعيها لتوظيف الواقعة لمصلحتهم فى شق الصف وتأجيج الأوضاع، ولكن خالد يوسف ورد فعله المغلف بالرزانة والكياسة، يستحق عليه الشكر والامتنان.
خالد يوسف صدم جميع خصوم الوطن، وفوت عليهم فرصة ركوب الموجة، وكان يمكن له أن يخرج بتصريحات نارية ويتهم الدولة ومؤسساتها بالترصد له، ومحاولة تشويه صورته، ويرتدى عباءة المضطهدين سياسيا، ويحاول تأجيج الأوضاع طمعا فى المزيد من البطولة، ويصبح حديث النشطاء والسوشيال ميديا، لكن رفض الرجل وإعلانه الحقيقة المجردة، فوت الفرصة أمام المزايدين وخصوم الوطن، واكتسب احترام شرفاء الوطن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة