شخصيا لم ألتق مع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلا فى نقطتين، الأولى أنه أستطاع إنزال الخسارة بهيلارى كلينتون وتحالفها الداعم لجماعة الإخوان الإرهابية وبقية التيارات الإسلامية فى المنطقة التى أسست لظهور الإرهاب والتطرف فى المنطقة، والثانية أنه يتوافق مع الرؤية التى يتبناها النظام المصرى حاليا، المنطلقة من نقطة مهمة، وهى أن الإرهاب والتطرف يحتاج إلى تكاتف وتحالف دولى للقضاء عليه.
بخلاف هاتين النقطتين فإن ترامب بالنسبة لى يمثل الشخص الخطأ، أو بمعنى أدق الشخصية الكارثية التى ستنهدم على يديه كل القيم التى نناضل لكى نعمل على ترسيخها فى مجتمعاتنا، وأعنى بها هنا قيم الحرية والديمقراطية.
إذا نظرنا إلى الولايات المتحدة بمنظار أوسع من باراك أوباما وإدارته، بمن فيهم هيلارى التى تولت لأربع سنوات حقيبة الخارجية الأمريكية، فسنجد أن بالولايات المتحدة مجموعة من القيم الديمقراطية المترسخة التى تداعب عقولنا جميعا، ونأمل فى أن يكون لها وجود فى مجتمعاتنا، وأقصد بها القيم الأساسية التى قامت عليها الولايات المتحدة الأمريكية، والتى ستظل باقية حتى إن حاول البعض ممن تعاقبوا على حكم البيت الأبيض استخدامها بسوء نية لتحقيق أهداف سياسية «قذرة» مثل التدخل فى الشؤون الداخلية للدول بذريعة حماية القيم الديمقراطية، كما فعل جورج بوش فى العراق، أو أوباما من بعده فى دول «الربيع العربى»، فهذه خروقات لا تعكر صفو هذه القيم، التى يجب ألا ننظر لها بهذا المنظور القائم على الشخصنة، أى ربطها بتصرفات من هذا الرئيس أو ذاك المسؤول.
مشكلة ترامب التى يجب أن ندركها جميعا أنه يمسك معولا ليهدم هذه القيم، وهو ما سيكون له شديد الأثر ليس فقط على الداخل الأمريكى وإنما على العالم كله، وخير دليل على ذلك الموجة الشعبوية التى بدأت تنتشر فى أوروبا سيرا على نهج ترامب، فكلها تسير فى اتجاه واحد وهو الانقلاب على كل القيم الديمقراطية والحريات التى لا علاقة لها بأخطاء شخصيات حاولوا تطويع النصوص لفرض هيمنتهم على العالم.
مكمن خطورة ترامب أيضا بالنسبة لنا أنه يتبنى أفكارا وتوجهات تصطدم معنا، ومنها على سبيل المثال توجهه لنقل مقر السفارة الأمريكية فى إسرائيل إلى مدينة القدس المحتلة، وهو أمر شديد الخطورة وسيسبب حرائق فى المنطقة لا حاجة لها، لذلك يجب علينا ألا نكون متفائلين أكثر من اللازم ونحن نتعامل مع ترامب، وأن نتعامل معه بمنطق «القطعة» وليس «الكل»، لأنه فى النهاية لا يمثل المخلص ولا الملاك، لكنه شخص رأى فى خطاب معين أنه القادر على أن يصل به إلى البيت الأبيض فتبناه وأخذ فى العمل على تطبيقه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة